للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الحركة، وهذا واضح، فإن قيل: ما الموجب لإيجاب الجبر برد المحذوف في بعض وامتناعه في بعضه، وجواز الأمرين في موضع، قلت: لم أر في كلام المصنف التعرض إلى ذكر ذلك ولا كلام الشيخ أيضا، إلّا فيما ذكره عنه، ويمكن أن يقال:

أما وجوب الرد في نحو: شية ومري، فلأن اعتلال اللام يذهب صورتها الأصلية، فإذا انضم إلى ذلك كون فاء الكلمة أو عينها محذوفة أدى ذلك إلى اختلالها، فلا جرم أنهم أوجبوا [٦/ ٦٨] الرد، وأما وجوبه في نحو: ذو، وشاة فلأن اللام قد حذفت واعتلال العين يذهب صورتها، فكان الاختلال من (جهتين) كما في القسم الذي قبله، وهو ما اعتلت لامه، وكان المحذوف منه أحد الأصلين الآخرين اللذين هما الفاء والعين، وأما وجوبه في نحو: أب وأخ فقد قال الشيخ أبو عمرو الحاجب - رحمه الله تعالى - أن العلة في ذلك أنهم لو لم يردّوا لأخلّوا بحذف لامه وبحذف حركة وسطه مع أن المحذوف لام وهو محل قابل للتغييرات، فكان الرد والمحذوف لام أسهل، فلو قالوا: أبيّ وأخيّ؛ لكانوا قد حذفوا اللام وحركة العين؛ لأن الحركة اللام الحركة إنما هي لأجل ياء النسب (١). وفي هذا التعليل نظر؛ لأنه يلزم منه وجوب الرد في نحو: ست؛ لأن لامه محذوفة وهو متحرك الوسط ولا شك أن الرد في: ست جائز لا واجب، وعلّل الشيخ وجوب الرّد في نحو: شية بأنه لو لم يرد؛ لأدى ذلك إلى بقاء الاسم بعد حذف تاء

التأنيث منه على حرفين ثانيهما حرف علة، وذلك لا يوجد في كلامهم (٢)، وأقول هذا التعليل منقوض، بنحو: مري فإن الرّد فيه واجب مع أن ثاني الحرفين لو لم يرد حرف صحيح، لا حرف علة، وأما امتناع الرد في نحو: عدة وسه، وهو ما كان صحيح اللام وقد حذفت فاؤه أو عينه، فلأن صحة اللام تنفي الاختلال لبقائها على أصلها دون تغيير فلم يحتج إلى الرد، وأما جواز الأمرين في نحو: دم (وحر وست مما هو محذوف اللام) (٣) لم ينضم إلى حذفها شيء آخر حتى يحصل اختلال للكلمة، فلم يجب الرّد كما في ذو وشاة، ولم يمتنع الرّد كما في عدة؛ لأن لام الكلمة محل قابل للتغيير من حيث هو آخر، فمن ثم سهل ردّ اللام، وإذ قد انقضى الكلام -


(١) انظر: ابن جماعة (١/ ١١٧ - ١١٨).
(٢) التذييل (٥/ ٢٥٩) (ب).
(٣) كذا في (أ) وفي (ب) (حي وست مما هو محذوف اللام والعين صحيحة واللام لا ترد في التثنية ولا الجمع بالألف والتاء، فلأن اللام لم ينضم ...).

<<  <  ج: ص:  >  >>