للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وجنسه حاصل فيها بياء النسب، وما يميز واحده منه بياء النسب فهو اسم جنس (١) كما أشار إلى ذلك المصنف هنا، وقد علمت أن اسم الجنس واسم الجمع والجمع تتشارك في أن كلّا منها دال على أكثر من اثنين، وإذا كان قريش اسم جنس وجب أن يدل على آحاد، وآحاده إنما هي: قرشيّ وقرشيّ وقرشيّ، فمدلول قريش على هذا قرشيون، كما أن مدلول روم روميون، ومدلول ترك تركيون، ثم إن لازم كلام الشيخ أن اسم الجنس لا يصح في واحده عطف أمثاله عليه، وكلام المصنف يقتضى صحة ذلك؛ فإنه لما حكم بالجمع على ما هذه صفته قيده بقيود أخر زائدة، وهي قوله: ما لم يخالف الأوزان الآتي ذكرها، إلى قوله: مع غلبة التذكير، ثم قال بعد:

فإن كان كذلك، أي فإن انتفت هذه القيود الزائدة انتفت الجمعية، وكان ذلك الاسم الدال على أكثر من اثنين اسم جمع، أو اسم جنس، فدل كلامه على أن اسمي الجمع والجنس مشتركان مع الجمع في ما ذكره أولا، وهو قوله: فإن كان له واحد يوافقه في أصل اللفظ دون الهيئة، وفي الدلالة عند عطف أمثاله عليه. وإذا كان كذلك فكيف يقال: إنه احترز بقوله: وفي الدلالة عند عطف أمثاله عليه عن نحو: قريش، وقد تبين أن قريشا اسم جنس، وتبين أيضا أن اسم الجنس يصح في واحده عطف أمثاله عليه، وكذا اسم الجمع إذا كان له واحد من لفظه فهما كالجمع لا فرق بينهما وبينه في ذلك، وإذا تقرر هذا؛ أفلا يكون قوله: وفي الدلالة عند -


(١) كذلك ما يفرق واحده منه بالتاء - فتكون التاء في الواحد، كتمر وتمرة أو في الجمع، نحو: كمء للواحد والكمأة للجنس، والحكم على مثل ذلك بأنه اسم جنس هو مذهب البصريين قال ابن يعيش (٥/ ٧١):
(اعلم أن هذا الضرب من الأسماء التي يميز فيها الواحد بالتاء من نحو: شعيرة وشعير ونمرة ونمر إنما هو عندنا - أي: البصريين - اسم مفرد واقع على الجنس، كما تقع على الواحد وليس بتكسير ... والكوفيون يزعمون أنه جمع كسّر عليه الواحد، ويؤيد ما ذكرناه أمران: أحدهما: أنه لو كان جمعا؛ لكان بينه وبين واحده فرق إما بالحروف وإما بالحركات؛ فلما أتى الواحد على صورته لم يفرق بينهما بحركة ولا غيرها دل على ما ذكرناه، وأما التاء فبمنزلة اسم ضمّ إلى اسم، فلا يدل سقوطها على التكسير. الأمر الثاني: أنه يوصف بالواحد المذكر من نحو: قوله تعالى: أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ [القمر: ٢٠] وأنت لا تقول: مررت برجال قائم فدل ذلك على ما قلناه. فإن قيل: فقد قال: أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ [الحاقة: ٧] فأنّث، وقال:
وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ [ق: ١٠] والحال كالوصف وقال سبحانه: السَّحابَ الثِّقالَ [الرعد: ١٢] فوصفه بالجمع، فهلّا دل ذلك على أنه جمع؛ لأن المفرد المذكر لا يوصف بالجمع. قيل: إن ذلك جاء على المعنى؛ لأن معنى الجنس العموم والكثرة؛ والحمل على المعنى كثير، ويدل على ذلك إجماعهم على تصغيره على لفظه، نحو: تمير وشعير ...) انظر الرضي (٢/ ١٩٢ - ١٩٣)، والرضي على الكافية (٢/ ١٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>