للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لفظها (١) ولا ترد إلى الواحد، ولو كانت جموعا لكانت الكثرة وجموع للكثرة لا تصغّر بل يصغّر واحدها، ثم يجمع على ما أحكم في باب التصغير.

الأمر الثاني: أن الفراء يدعي الجمعية في كل ما له واحد يوافقه في أصل اللفظ، ومقتضي هذا أن الفراء يوافق مذهبه مذهب الأخفش في أن نحو: ركب وصحب جمع، ويزيد عليه (أنه) يرى أن نحو: بسر وغمام جمع أيضا، فعلى هذا يكون ما دل أكثر من اثنين وله واحد من لفظه منحصرا عنده في الجمع (٢) [٦/ ٧٧] خاصة لأنه يطلق الجمع على نحو: صحب وركب وبسر وغمام، كما يطلقه على نحو: رجال، ثم إن الشيخ اقتصر في شرح كلام المصنف وتبين مذهب الفراء على بسر وغمام (٣) فقط، وعبارة المصنف تقتضي التعميم، ثم إن مذهب الفراء مردود بما رد به مذهب الأخفش، وقد قال الله تعالى: كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ (٤) وكَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ (٥)، واعلم أن الإمام بدر الدين ولد المصنف - رحمهما الله تعالى - جعل التمييز بين الثلاثة - أعني الجمع واسم الجمع واسم الجنس - بأمر معنوي ذكر ذلك في شرح الألفية، فقال: الاسم الدال على أكثر من اثنين، على ثلاثة أضرب: جمع واسم جمع واسم جنس؛ وذلك لأن الدال على أكثر من اثنين بشهادة التأمل إما أن يكون موضوعا للآحاد المجتمعة دالّا عليها دلالة تكرار الواحد بالعطف، وإما أن يكون موضوعا لمجموع الآحاد دالّا عليها دلالة المفرد على جملة أجزاء مسماه، وإما أن يكون موضوعا للحقيقة ملغى فيه اعتبار الفردية، إلّا أن الواحد ينتفي بنفيه؛ فالموضوع للآحاد المجتمعة هو الجمع سواء أكان له (واحد من لفظه) مستعمل، أم لم يكن، والموضوع لمجموع الآحاد هو اسم الجمع سواء أكان له واحد من لفظه أم لم يكن، والموضوع للحقيقة بالمعنى المذكور هو اسم الجنس (٦). انتهى كلامه ويحتاج إلى إقامة دليل على أن العرب قصدت بوضع كل من الثلاثة ما أشار إليه، ثم عبارته نظر من وجوه، أما أولا: فلأن قوله في الجمع: إنه موضوع للآحاد المجتمعة، إما أن يريد به أنه وضع لها جملة، أو أنه وضع لكل فرد منها بقيد كونه -


(١) ينظر: الرضي (٢/ ٢٠٣)، والمساعد (٣/ ٣٩١).
(٢) اللسان (٢/ ٧٩٧)، والمساعد (٣/ ٣٩١)، وابن يعيش (٥/ ٧٣).
(٣) التذييل (٦/ ٢) (أ).
(٤) سورة الحاقة: ٧.
(٥) سورة القمر: ٢٠.
(٦) شرحه للألفية (ص ٤٣، ٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>