للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تغييره. يعني الفارق بينهما التثنية، وذلك أن جنبا لم يثنّ حيث قيل: رجلان جنب، فكان للواحد والجمع والمثنى بلفظ واحد، فلم يحكم بجمعيته؛ لأن العرب لمّا لم يثنوه على أنه - حال إطلاقه على الجمع - لم يغيّر عما كان عليه بلفظ الواحد، كما أنهم لم يغيّروه - حال إطلاقه على المثنى - وأمّا: فلك فإنهم ثنّوه فقالوا: فلكان فدلّ تغيير هم له حال إطلاقه على المثنى أنهم يغيرونه حال إطلاقه على الجمع، بهذا فرق سيبويه (١)، ولا شك أن الذي اعتبره في الفرق لطيف، بديع، وكما قيل في فلك؛ إنه حال الجمع مغير تقديرا، هكذا القول في هجان ودلاص فإنهما يثنيان فالضمّة في: فلك المفرد، كضمة: قفل وفي فلك الجمع، كضمة: رسل، والكسرة في هجان ودلاص حال الأفراد، كالكسرة في: كتاب، وحال الجمع كالكسرة في:

رجال، ثم إن المصنف اختار في نحو: فلك، وهجان، ودلاص أنها ليست جموعا، فبعد قوله: وإن ثني فهو جمع مقدر تغييره، قال: رأي (٢)، ثم قال: والأصح كونه اسم جمع مستغنيا عن تقديرا التغيير؛ وكأن المصنف يجعل هذه الكلمات خاصة بأسماء الجموع، فلا يراد بشيء منها مفرد؛ إذ لو كانت تستعمل مرادا بها المفرد، كما يراد بها اسم الجمع، لزم الاشتراك بين المفرد وغيره، وهو إنما أخرجها عن الجمعية من أجل الاشتراك، فكيف يفرّ من شيء إلى القول بمثله؛ ولا شك أن قوله تعالى:

حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ (٣) أدل دليل على أن: الفلك جمع، وقد قال المصنف في شرح الكافية بعد أن حكم على فلك، ودلاص، بأنهما يكونان جمعين كما يكونان مفردين: أن الحامل على ذلك دون أن يجعلا مما اشترك فيه الواحد والجمع كجنب، أن جنبا لا يختلف لفظه في إفراد، ولا تثنية، ولا جمع، فعلم أن العرب قصدت فيه (الاختصار) والاشتراك. وأما فلك ودلاص؛ فإنهما لا يخليان من علامة التثنية عند قصدها، فدلّ ذلك على انتفاء الاشتراك وقصد تغيير منويّ في حال الجمعية.

ونظير فلك ودلاص عفتان - وهو الرجل القوي الجافي - يقال: رجل عفتان، ورجلان -


(١) الكتاب (٣/ ٥٧٨).
(٢) هذا قول الخليل وسيبويه لوجود التغيير في التثنية على تقدير التغيير في الجمع - والمصنف أيضا في شرح الكافية - كما نقل عنه الشارح - أما الجرمي فعنده نحو: هجان، ودلاص، صالح للمفرد، والمثنى، والجمع لجريه مجرى المصدر. راجع في هذه المسألة: الكتاب (٣/ ٦٣٩) والرضي (٢/ ١٣٥ - ١٣٦)، وابن يعيش (٥/ ٥٠ - ٥١). وشرح الكافية (٤/ ١٨١٠)، والمساعد (٣/ ٣٩٢).
(٣) سورة يونس: ٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>