للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وكذا هو واقع بينها وبين الهمزة، وسترى ذلك مفصلا بعون الله تعالى وتوفيقه، وقد ابتدأ المصنف بذكر إبدال الهمزة من غيرها، ولا شك أن الهمزة تبدل من الياء، والواو، والألف في مواضع، فتبدل من الواو والياء الواقعين طرفا لفظا أو حكما بعد ألف زائدة، فالواقع طرفا لفظا نحو: كساء، ورداء، ودعاء، وبناء، وجراء، وظباء؛ الأصل: كساو، ورداي، ودعاو، وبناي، وجراو، وظباي جمعا: جرو، وظبي، والمراد بالواقع طرفا حكما ما ختم بتاء

التأنيث غير لازمة، وهي التي لم تبن الكلمة عليها وذلك نحو: قولهم في عظاء: عظاءة (١)، وفي بناء: بناءة، وفي دعاء: دعاءة، أما إذا اختتمت الكلمة بتاء تأنيث لازمة وهي التي بنيت الكلمة عليها؛ فإنه يجب تصحيح الياء والواو، وذلك نحو: هداية، وحماية، وسعاية، وعلاوة، وإداوة، وهراوة (٢)؛ إذ لم يقع حرف العلة طرفا لا لفظا ولا حكما، بل لتحصّنه بتاء التأنيث اللازمة صار وسطا، وإلى ذلك كلّه أشار المصنف بقوله: تبدل الهمزة وجوبا من كل حرف لين يلي ألفا زائدة متطرفا أو متصلا بهاء تأنيث عارضة، فحرف اللين يشمل: الياء والواو، واحترز بالألف الزائدة عن الأصلية، فلا يبدل ما يليها نحو: زاي وواو؛ لئلا يتوالى إعلالان؛ لأن الألف منقلبة عن أصل هو عين الكلمة؛ فلا يجوز إعلال اللام مع إعلال العين، لما يلزم من توالي إعلالين، هكذا عللوا، وقد يقال: إنما يمتنع توالي إعلالين إذا كانا من نوع واحد، أما إذا اختلف الإعلالان فجائز كما في: ماء، فإن أصله: موه (٣) فقد أعلت العين واللام، وكان الواجب أن يقال: ياي، ولكنهم قالوا: ياء بالإبدال، وقد تقدم الكلام على هذه -


(١) دويبة. وأما قولهم: عظاءة، وعباءة، وصلاءة فقد كان ينبغي لما لحقت الهاء آخرا وجرى الإعراب عليها، وقويت الياء ببعدها عن الطرف ألّا تهمز، وألا يقال إلا: عظاية، وعباية، وصلاية، فيقتصر على التصحيح دون الإعلال، وألا يجوز فيه الأمران كما اقتصر في نهاية، وغباوة، وشقاوة، وسعاية، ورماية على التصحيح دون الإعلان، إلا أن الخليل رحمه الله قد علّل ذلك فقال: «إنهم إنما بنوا الواحد على الجمع فلمّا كانوا يقولون: عظاء، وعباء، وصلاء؛ فيلزمهم إعلال الياء لوقوعها طرفا أدخلوا الهاء وقد انقلبت اللام همزة فبقيت اللام معتلة بعد الهاء كما كانت معتلة قبلها». اللسان «عظى»، وانظر الكتاب (٢/ ١٩٧، ٣٨٣، ٣٩٤).
(٢) ينظر: شرح الكافية لابن مالك (٤/ ٢٠٨٢).
(٣) والدليل على أن الأصل فيه الهاء قولهم: أماه فلان ركيّته، وقد ماهت الركية، وهذه مويهة عربة.
انظر: اللسان «موه»، وحكى ابن جني «أمواء». المنصف (٢/ ١٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>