وجود اليائين اللتين حصل الحذف لأجلهما وهما الثالثة والرابعة كما في قصي وعلي بالنسبة إلى قصوي وعلوي، أما إذا كانت الياء المذكورة متأخرة في الوجود عن اليائين المذكورتين فإنها لا تحذف، بل تبقى وذلك نحو: عدوي إذا صغر، فإنه يقال فيه: عديّي كما قررنا. والظاهر أنه لا احتياج إلى الاحتراز عن ذلك فإن الشيء إنما يحذف لطرآن شيء آخر عليه، إذا حصل بذلك الطارئ مع ما طرأ عليه ثقل كالحذف من نحو: كرسيّ وعليّ إذا طرأت عليهما ياء النسب، ولا شك أن الياء الزائدة للتصغير في عدوي إذا صغّر، هي الطارئة على غيرها وما كانوا ليأتوا بشيء ثم يحذفوه لطرآنه على شيء موجود قبله؛ إذ لو كانوا يحذفونه ما أتوا به، لا سيما شيء يؤتى به لمعنى مقصود. وإن كان الياءان أصليين فإما أن يكون قبلهما زائدة أو لا يكون، فإن كان عوملت الكلمة معاملة قصي وعلي فتحذف الياء الأولى مع كونها أصلا وتقلب الثانية واوا ويفتح ما قبلها كقولك: تحويّ في المنسوب إلى تحية. وإن اتفق أن يفصل بين الأصليين المسبوقين بزائد حرف لين حذف ذلك الحرف أيضا أعني حرف اللين مع ما ذكر متقدما وهو حذف الياء الأولى الأصلية وفتح ما قبلها كقولك: محوي في النسب إلى: محي، وإن لم يكن قبلها زائد قلبت الثانية واوا وفتحت الأولى، فإن كانت ياء بقيت بحالها كقولك: حيوي في النسب إلى حي، وقد ظهر
من هذا أن كلام المصنف هنا إنما هو مسوق لذكر إبدال الياء واوا، ولكن لمّا كان هذا الإبدال موقوفا على حذف شيء لزم التعرض إلى الحذف، ليرتب عليه ما هو المقصود بالذكر، وإنما أفرد هذا الإبدال وأورده في هذا الفصل ولم يذكره مع ما تقدم من إبدال الياء واوا؛ لأنه إبدال لعارض وهو اجتماع ياءات أربع، وإنما ذكر حذف الياء المشددة من نحو: كرسيّ في النسب إليه، مع أنه حذف لا إبدال معه تمهيدا لما ذكره بعد حذف اليائين، وكأنّه قصد أن يتكلم في الياء المشددة رابعة أولا نحو: كرسي، ثم فيها ثالثة ثانيا نحو: عليّ وتحية ومحيّ، ثم فيها ثانية ثالثا نحو: حي وطي ليصير الكلام في ذلك مرتبا منتظما، وإذا قد تقرر هذا فلنرجع إلى لفظ الكتاب، فقوله: تحذف الياء المدغمة في مثلها قبل مدغمة في مثلها إن كانت ثالثة زائدة يشير به إلى حذف الياء الأولى من نحو: عليّ وغنيّ وقصيّ إذا نسبت إليها فقلت: علويّ وغنويّ وقصوىّ؛ لأن الياء الأولى من كل -