للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مشتركان فيه، بل الميم أقعد بالدلالة عليه من الواو لاستبداد الميم به في الرباعي والمزيد فيه، وإذا كان كذلك لم يكن حذف الواو مفوّتا للدلالة؛ لأن في الميم إشعارا به، وليس كذلك تاء افتعل؛ لأنها مستقلة بالمعنى فحذفها مفوت للدلالة عليه، فلذلك حوفظ عليها في: تقي يتقي، وإن لم يحافظ على واو مفعول في:

مقول ونحوه. وأما قوله: إن قياس الحذف على الحذف فيما ذكر أولى من قياس الحذف على التحريك فممنوع، بل ينبغي أن يكون الأمر بالعكس لاستلزام قياس الحذف على الحذف خلاف مقتضى الأصل من ثلاثة أوجه: أحدها: قياس الأبعد من الطرف على المتطرف. والثاني: حمل الالتقاء اللازم على الالتقاء العارض.

والثالث: إجراء المتصل مجرى المنفصل. وقياس الحذف على التحريك فيما ذكرنا سالم من ذلك كله فوجب المصير إليه. وأما قوله: إن ما ذكرنا في نحو: مشيب ومنيل لازم لعدم النظير؛ لأنه لم يجئ مثله إلا للإتباع في نحو: العين الحير (١)، فإن أراد بذلك لازم لعدم النظير من كل الوجوه، فمسلم ولكن أي شيء يلزم، وإن أراد لازم لعدم النظير مطلقا فممنوع؛ لأن ما ذكرنا من نحو: مشيب ومنيل شبيه بما فعلوه في: الحير من جهة أن نحو: مشيب قلبت فيه الضمة كسرة والعين ياء، بمعنى مناسب وهو الإتباع للعين. وأما قوله: إن ما ذكرنا من الأدلة وإن دلت على أن المحذوف من نحو: مقول ومبيع فمعه ما يأباه من وجوه: فالجواب عن الأول منها:

أن مقتضى قياس اسم المفعول على الماضي والمضارع والأمر واسم الفاعل في الإعلال أن لا تسلم عينه من الإعلال، وقد عمل به فأعلت عينه بالنقل كما أعلّ المضارع ولم تعل عينه بأمر آخر كما أعلت في الأمر واسم

الفاعل؛ لانتفاء المقتضي له. وعن الثاني: أن قضية الدليل أنه متى احتيج إلى الحذف لالتقاء الساكنين أن يحذف الثاني منهما، لكن منع منه في باب: خف وبع أن الثاني حرف صحيح، والأول حرف معتل ولا يمكن حذف الصحيح وإبقاء المعتل؛ لأنه كالحركة، فالإقدام على حذفه أسهل، فتعين العكس وليس كذلك باب: مقول ومبيع. والجواب عن الثالث من وجهين: الأول: أن الالتباس قدر مشترك بين المذهبين فلا حجة فيه؛ [٦/ ١٩٢] وهذا لأنه لا فرق في كون مبيع الذي هو اسم مفعول مفعلا، أو مقيلا؛ لأنه شبيه -


(١) انظر: ابن جماعة (١/ ٢٩٦) وابن يعيش (١٠/ ٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>