للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقد حمل المصنف الفصل في: إنما نقتل إيانا - على أنه ضرورة من وجه آخر غير الوجه الذي حمل الجماعة عليه وهو الذي أذكره:

قال المصنف: «وقد وهم الزمخشريّ في قوله: إنّما نقتل إيّانا، فظنّ أنّه من وقوع المنفصل موقع المتصل (١)، وليس كذلك، لأنه لو أوقع هنا المتصل فقال:

إنّما نقتلنا، لجمع بين ضميرين متّصلين أحدهما فاعل والآخر مفعول مع اتحاد المسمى، وذلك مما يختصّ به الأفعال القلبية. وغر الزمخشريّ ذكر سيبويه هذا البيت في باب: ما يجوز في الشّعر من إيّا ولا يجوز في الكلام، فذكر البيت الّذي أوله كأنّا لا لأن ما فيه لا يجوز إلا في الشعر، بل لأن إيّانا وقع فيه موقع أنفسنا فبينه وبين الأول يعني: حتى بلغت إياكا مناسبة من قبل أن إيا في الموضعين [١/ ١٦٢] واقعا موقعا غيره به أولى. لكن في الثّاني من معنى الحصر المستفاد بإنما ما جعله مساويا للمقرون بإلا، فحسن وقوع إيا فيه كما كان يحسن بعد إلا وهذا مطّرد، فمن اعتقد شذوذه فقد وهم» انتهى وهو محمل جيد (٢).

وقال الشيخ: «ما ذهب إليه المصنّف من تعيّن انفصال الضّمير بعد إنّما - خطأ فاحش وجهل بلسان العرب.

قال الله تعالى: إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ (٣)، إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ (٤)، إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ (٥)، وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ (٦)، ولو كان الأمر على ما زعم لكان التركيب إنّما -


(١) قال الزمخشري (المفصل: ص ١٢٧): ولأنّ المتّصل أخصر لم يسوغوا تركه إلى المنفصل إلّا عند تعذّر الوصل، فلا تقول ضرب أنت ولا ضربت إياك، إلّا ما شذّ من قول حميد الأرقط: إليك حتّى بلغت إيّاكا وقول بعض اللصوص: كأنّا يوم قرّى إنّما نقتل إيّانا.
(٢) وملخص ما قيل في هذه القضية التي أثارها هذا البيت وهو قوله: إنّما نقتل إيّانا - أن سيبويه وتبعه الزمخشري جعلا البيت من الضرورة؛ لأن الشاعر أوقع فيه الضمير المنفصل موقع المتصل؛ لأن المتصل أخصر ولا يترك إلا عند تعذر الوصل؛ فلا يجوز ضربت إياك، وإنما الواجب ضربتك، وذكر ابن مالك أن هذا باطل، وإنما الواجب انفصال الضمير هنا؛ لأنه لو قال نقتلنا لجمع بين ضميرين متصلين أحدهما فاعل والآخر مفعول مع اتحاد المسمى، كما أن المقصود الحصر، والحصر يوجب انفصال الضمير مع إنما حملا على إلا.
(٣) سورة يوسف: ٨٦.
(٤) سورة سبأ: ٤٦.
(٥) سورة النمل: ٩١.
(٦) سورة آل عمران: ١٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>