للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تحكم وزيغ عن سبيل التصريف.

وأما اختلافهما في المعنى فلأن الله خاص بربنا تبارك وتعالى في الجاهلية والإسلام، والإله ليس كذلك؛ ولهذا يستحضر بذكر الله مدلولات جميع الأسماء، ولا يستحضر بالإله إلا ما يستحضر بالمعبود، وهذا بين من قول بعض (١) الأنصار رضي الله عنهم:

٣٠٤ - باسم الإله وبه بدينا ... ولو عبدنا غيره شقينا (٢)

ثم مراد من زعم أن أصل الله الإله لا يخلو من أمرين:

أحدهما: أن تكون الهمزة حذفت ابتداء ثم أدغمت اللام في اللام.

والثاني: أن تكون الهمزة نقلت حركتها إلى اللام الأولى وحذفت هي على مقتضى النقل القياسي. فالأول باطل لأن حاصله ادعاء حذف فاء بلا سبب، ولا مشابهة ذي سبب من كلمة ثلاثية اللفظ؛ فذكر الفاء تنبيه على أن حذفها أشد استبعادا من حذف العين واللام؛ لأن الأواخر وما اتصل بها أحق بالتغيير من الأوائل.

وقولي: بلا سبب تنبيه على أن الفاء قد تحذف لسبب كحذف واو عدة؛ فإنه مصدر يعد، فحمل المصدر على الفعل في الحذف طلبا للتشاكل.

وقولي: ولا مشابهة ذي سبب تنبيه على رقة بمعنى ورق، فحذفت فاؤه لا لسبب كما في عدة بل لشبهه بعدة وزنا وإعلالا.


(١) في الأصل: بعض قول، وما أثبتناه هو الصواب.
(٢) البيتان من بحر الرجز المشطور، من أرجوزة عدتها ثلاثة أبيات ثالثها:
وحبّذا ربّا وحبّ دينا
(انظر ديوان عبد الله بن رواحة الأنصاري الخزرجي: ص ١٠٧).
اللغة: بدينا: بمعنى بدأنا وهي لغة الأنصار. وحبّ دينا: يقال: حب بفلان أي ما أحبه والمعنى ما أحب هذا الدين.
وشاهده: واضح من الشرح؛ حيث استشهد به لمعناه وهو أنه يقصد بالإله المعبود، وقد استشهد بالبيت الثالث في باب حبذا.
والبيت في معجم الشواهد (ص ٥٤٨) وفي شرح التسهيل لابن مالك (١/ ١٧٧).
ترجمة الشاعر: هو عبد الله بن رواحة بن ثعلبة الأنصاري من الخزرج أبو محمد. صحابي يعد من الأمراء والشعراء الراجزين، كان يكتب في الجاهلية، وشهد بيعة العقبة مع السبعين من الأنصار، وكان أحد النقباء الاثني عشر، وشهد بدرا وأحدا والخندق والحديبية، واستخلفه النبي عليه السّلام في إحدى غزواته على المدينة وصحبه في عمرة القضاء، وكان أحد الأمراء في وقعة مؤتة، واستشهد فيها سنة ٨ هـ (انظر ترجمته في الأعلام: ٤/ ٢١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>