للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال ابن عصفور (١): وسواء في ذلك المصدر وغيره مما لم يكن جثّة؛ إلّا أنّ مجيء ذلك في المصدر أكثر كما ذكرته.

ومما يدل على مجيئه في غير المصادر قول الشاعر:

٥٥٢ - خيال لأمّ السّلسبيل ودونه ... مسيرة شهر للبريد المذبذب (٢)

فخيال مبتدأ، ولأم السلسبيل صفة له. ولا يكون خبرا؛ لأنه لا مسوغ للابتداء بها إلا وصفها بالمجرور، والجملة التي هي: ودونه مسيرة شهر سادة مسد خبره؛ وساغ ذلك لأن الخيال لا حقيقة له جسيمة، فجرى مجرى المصادر (٣).

ومنها: أنه لا يجوز أن تسد الحال مسد خبر أن الناصبة للفعل وإن كانت بتأويل المصدر، ووجهه أن الحال إنما تسد مسد الخبر إذا كان ظرف زمان، وظرف الزمان لا يكون خبرا لأن والفعل، وإلى ما ذكرنا من المنع ذهب الكسائي والفراء وهشام، وعلّلوه بأنها لما عملت في ما بعدها أشبهت الأدوات وبعدت عن المصادر، فلم يجز فيها ما جاز في المصادر.

وفي هذا التعليل نظر: فإن المصدر عامل في ما بعده، فالصحيح ما ذكرناه من التعليل. انتهى كلامه رحمه الله تعالى.


(١) لم أجده في كتبه. وهو في التذييل والتكميل (٣/ ٣٠٤).
(٢) البيت من بحر الطويل، وهو مطلع قصيدة قصيرة في ديوان الحماسة منسوبة للبعيث بن حريث بن جابر بن سري شاعر بن شاعر، وبعده:
فقلت له أهلا وسهلا ومرحبا ... فردّت بتأهيل وسهل ومرحب
اللغة: أم السلسبيل: عشيقته. البريد المذبذب: المسرع المتعجل.
يذكر أن خيال حبيبته زاره ليلا، فصارت قريبة منه مع أنها بعيدة جدّا بجسمها وشخصها.
وشاهده واضح من الشرح.
قال صاحب شرح ديوان الحماسة (١/ ٣٧٧):
«فإن قيل: لما نكّر فقال: خيال لأم السّلسبيل؟ قلت: يجوز أن يكون كأنّه يرى خيالها على هيئات مختلفة، فاعتقد أنّه عدة خيالات، فلذلك نكّره كأنه قصد إلى واحد منها» وهو غير ما ذكره الشارح عن ابن عصفور.
والبيت في معجم الشواهد (ص ٥٤) والتذييل والتكميل (٣/ ٣٠٥).
(٣) رده أبو حيان فقال: «ولا حجّة في هذا البيت؛ لأنه يحتمل أن يكون خيال خبر مبتدأ محذوف تقديره: هذا خيال».

<<  <  ج: ص:  >  >>