للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وإنما كان الأصل في الخبر التنكير؛ لأنه محكوم به على المبتدأ، وإذا كان المحكوم به معلوما انتفت الفائدة المطلوبة من الكلام.

وقال المصنف: «يلزم من كون المبتدأ معرفة في الأصل كون الخبر نكرة في الأصل؛ لأنه إذا كان معرفة مسبوقا بمعرفة توهّم كونهما موصوفا وصفة ومجيء الخبر نكرة يدفع ذلك التوهّم فكان أصلا، وأيضا فإن نسبة الخبر من المبتدأ نسبة الفعل من فاعله. والفعل يلزمه التنكير (١) فاستحق الخبر لشبهه أن يكون راجحا تنكيره على تعريفه». انتهى (٢).

ومقتضى ما قررناه امتناع مجيء المبتدأ نكرة ومجيء الخبر معرفة، لكن قد تتخصص النكرة العامة المراد بها العموم، فيجوز الابتداء بها حينئذ لحصول الفائدة، وقد يقصد الإخبار بحصول نسبة مجهولة بين معلومين، فيجوز أن يأتي الخبر معرفة، وإلى هذا أشار المصنف بقوله: وقد يعرفان وينكّران

فمثال تعريفهما قوله تعالى: اللَّهُ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ (٣) ومثال تنكيرهما قوله تعالى: وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ (٤).

ونبه بقوله: بشرط الفائدة على أنه إذا لم يحصل فائدة عند تنكير المبتدأ بأن يكون نكرة غير مخصصة، نحو رجل

قائم، أو عند تعريف الخبر بأن تكون النسبة التي بينه وبين المبتدأ معلومة امتنع فيهما ما ذكره.


(١) قال السيوطي: (الأشباه والنظائر في النحو: ١/ ٨٥): «الأفعال نكرات لأنها موضوعة للخبر وحقيقة الخبر أن يكون نكرة؛ لأنه الجزء المستفاد، ولو كان الفعل معرفة لم يكن فيه للمخاطب فائدة».
ونقل عن أبي القاسم الزجاجي قوله: «أجمع النحويّون كلّهم من البصريين والكوفيين على أنّ الأفعال نكرات، قالوا: والدليل على ذلك أنّها لا تنفكّ من الفاعلين، والفعل والفاعل جملة تقع بها الفائدة، والجمل كلها نكرات؛ لأنّها لو كانت معارف لم تقع بها فائدة».
ثم قال: «فإن قيل: فإذا كانت الأفعال نكرات فهلّا عرفت كما تعرّف النكرات؟ فالجواب: أن تعريف الأفعال محال؛ لأنها لا تضاف كما أنها لا يضاف إليها ولا يدخلها الألف واللام؛ لأنها جملة ودخول الألف والّلام على الجمل محال، وإنما الّذي يختلف هو الأشخاص فلزم تعريفها كما أن التّعريف أيضا من خصائص الأسماء وعلاماتها».
(٢) شرح التسهيل (١/ ٢٩٠) وقد تصرف الشارح في النقل.
(٣) سورة الشورى: ١٥.
(٤) سورة البقرة: ٢٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>