للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

نص على هذا (١)، وغيره يعكس ويقول: قدم الخبر لأجل الاستفهام، وما ذكره سيبويه أولى؛ لأن معنى الاستفهام كالتعريف فحسن الابتداء بالنكرة، وإذا تقدم على المعرفة صار كالمعرفتين نحو زيد أخوك والمتقدم فيهما هو المبتدأ.

وقال أيضا: كان القياس يقتضي أن يكون أفعل التفضيل صفة للنكرة قبله، لكن منع من ذلك أن أفعل التفضيل لا يرفع الظاهر فصيحا إلا في مسألة: ما رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل.

ولو جعلت مكان أفعل وصفا لا للتفضيل لرفع الظاهر فكنت تقول: أقصد رجلا محسن لك أبوه، فكان كونه صفة أحسن من كونه مرفوعا، فلما كان محل أفعل التفضيل محل ما يرفع به ما بعده؛ ترك مرفوعا بالابتداء ليرفع به ما بعده، وجعل ما بعده خبرا حتى لا يخلو أفعل التفضيل من العمل فيه (٢).

قال جمال الدين بن عمرون: «قد جعل ابن جنّي المبتدأ نكرة والخبر معرفة في قول شاعر الحماسة:

٥٨٦ - أهابك إجلالا وما بك قدرة ... عليّ ولكن ملء عين حبيبها (٣)

-


(١) لم ينص سيبويه على مسألة: كم مالك في كتابه وإنما الذي ذكره أن كم لا تكون إلا مبتدأة ولا تؤخر فاعلة ولا مفعولة. (الكتاب: ٢/ ١٥٨).
وفي مسألة أقصد رجلا خير منه أبوه، ورفع خير على الابتداء حكى هذا المقال:
ما رأيت رجلا أبغض إليه الشّر كما بغض إلى زيد قال: لو رفعت أبغض إليه الشر لم يجز، ولو قلت:
خير منه أبوه جاز.
(الكتاب: ٢/ ٣١، ٣٢) قال الدماميني (شرح التسهيل: ١/ ٧٦٧): ولم أر ما يثلج به الصدر في توجيه ما ذهب إليه سيبويه من أن المعرفة خبر النكرة في هذا المثال. انظر في المسألتين الهمع (١/ ١٠٠).
(٢) التذييل والتكميل (٣/ ٣٣٦).
(٣) البيت من بحر الطويل، وهو في الغزل الرقيق الذي اختاره أبو تمام في ديوان الحماسة (٣/ ١٣٦٣).
ونسبه إلى نصيب بن رباح وبعده:
وما هجرتك النّفس إنّك عندها ... قليل ولكن قلّ منك نصيبها
انظر القصيدة في ديوان نصيب (ص ٦٨).
ومفرداته واضحة، ومعناه: أنه يهاب حبيبته ويحترمها لا لأنها ذات صولة وقدرة عليه، ولكن لأنه يحبها فامتلأت عينه بها، فكانت له المهابة منها.
واستشهد النحاة بهذا البيت كثيرا لتقدم الخبر وجوبا لالتباس المبتدأ بضمير يعود على بعض الخبر.
وعليه فيكون ملء عين خبرا مقدما وحبيبها: مبتدأ مؤخر. وذهب ابن جني إلى أنه لا تقديم ولا تأخير في -

<<  <  ج: ص:  >  >>