للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يؤدي الحذف إلى تهيئة العامل للعمل والقطع عنه، فلا يجوز نحو زيد مررت (١).

وحاصل الأمر: أن الاتفاق بين المصنف وغيره واقع على جواز الحذف في نحو:

السمن منوان بدرهم، والبرّ قفيزان بدرهم، وهو ما لم يكن فيه تهيئة العامل للعمل والقطع عنه، فهم قد نصوا على عدم جواز الحذف فيه إلّا في الشعر، والمصنف لم يقصد جواز الحذف على ذلك، بل أجازه في الكلام أيضا، ولكنه حكم بقلته حيث قال: وقد يحذف إن علم ونصب ... إلخ. والظاهر أن الحق في ذلك مع المصنف؛ لأن عمدته فيما أورده السماع الذي سنورده.

وقد ذكر سيبويه (٢) أن الضمير لا يحذف من خبر المبتدأ إلا في الشعر أو في قليل (٣) من الكلام.

وفسر الناس كلامه بأنه إنما أراد أن ذلك قليل حيث يؤدي إلى تهيئة العامل للعمل وقطعه، فظهر بذلك أن الذي ذكره المصنف موافق لما ذكره سيبويه، وإذ قد تقرر هذا فلنرجع إلى لفظ الكتاب وتمثيل المسائل.

فمثال المنصوب بفعل قولك: زيد ضربت، وشاهده قول الراجز:

٦٣٠ - ثلاث كلّهنّ قتلت عمدا ... فأخزى الله رابعة تعود (٤)

-


(١) قال ابن عصفور (المقرب ١/ ٨٤): «والضّمير إن كان مرفوعا لم يجز حذفه، وإن كان منصوبا لم يجز حذفه إلّا في الشّعر نحو قول ابن يعفر:
وخالد يحمد ساداتنا ... بالحقّ لا يحمد بالباطل
التقدير يحمده ساداتنا. وإن كان مخفوضا بالإضافة لم يجز حذفه، وإن كان محفوضا بحرف جر جاز إثباته وحذفه نحو قولك: السّمن منوان بدرهم، أي منوان منه ما لم يؤد إلى تهيئة العامل للعمل وقطعه عنه، لا يقال: زيد مررت».
(٢) انظر الكتاب: (١/ ٨٥). قال سيبويه: «ولا يحسن في الكلام أن يجعل الفعل مبنيّا على الاسم، ولا يذكر علامة إضمار الأول حتى يخرج من لفظ الإعمال ومن حالة بناء الاسم عليه ويشغله بغير الأول حتى يمتنع من أن يكون يعمل فيه، ولكنه قد يجوز في الشعر، وهو ضعيف في الكلام، قال الشاعر:
قد أصبحت أمّ الخيار تدّعي ... عليّ ذنبا كله لم أصنع
فهذا ضعيف وهو بمنزلته في غير الشعر؛ لأن النصب لا يكسر البيت، ولا يخلّ به ترك إظهار الهاء، وكأنه قال: كله غير مصنوع».
(٣) في الأصل: أو قليل من الكلام.
(٤) البيت من بحر الوافر، قال الأستاذ عبد السّلام هارون (كتاب سيبويه: ١/ ٨٦): «هو من الخمسين التي لا يعرف قائلها». -

<<  <  ج: ص:  >  >>