للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال المصنف (١): «اسم المعنى يغني عن خبره ظرف الزمان الموقوع في جميعه، والموقوع في بعضه، لكن الموقوع في جميعه إن كان نكرة فرفعه أكثر من نصبه كقوله تعالى: وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً (٢) وكقوله (عزّ وجل) (٣): غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ (٤)، وكذا الموقوع في أكثره كقوله تعالى: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ (٥).

ولو جر هذا النوع بفي أو نصب على مقتضى الظرفية - لم يمتنع عند البصريين، وامتنع عند الكوفيين، وحجتهم في المنع من ذلك صون اللفظ عما يوهم التبعيض فيما يقصد به الاستغراق، وهذا مبني على قول بعضهم: إن في للتبعيض (٦) حكاه السيرافي، وليس ذلك بصحيح (٧). وإنما في حرف مفهومه الظرفية بحسب الواقع في مصحوبها. فإن كان الواقع يستلزم استغراقا كالصوم بالنسبة إلى النهار فلا يمنع منه معنى في ولا لفظها. وإن كان صالحا للاستغراق وغيره فصلاحيته لذلك موجودة قارنته أو لم تقارنه؛ ولذلك صح في الاستعمال أن يقال:

في الكيس درهم، وأن يقال: في الكيس ملؤه من الدراهم؛ فعلم بهذا أن القول ما قاله البصريون، والله تعالى أعلم. ومثال رفع الزمان الموقوع في بعضه [١/ ٣٧١] كقولك: الزّيارة يوم الجمعة. ولا فرق في هذا بين المعرفة والنكرة، وروي قول النابغة:

٦٤٧ - زعم البوارح أنّ رحلتنا غدا ... وبذاك خبّرنا الغراب الأسود (٨)

-


(١) شرح التسهيل (١/ ٣٢٠).
(٢) سورة الأحقاف: ١٥.
(٣) ما بين القوسين ساقط من نسخة الأصل.
(٤) سورةسبأ: ١٢.
(٥) سورة البقرة: ١٩٧.
(٦) انظر: شرح الكافية (١/ ٩٥) وأسنده الرضي إلى الكوفيين.
(٧) ذكر صاحب المغني عشرة معان لفي ولم يذكر منها التبعيض. انظر المغني (١/ ١٦٨) وما بعدها.
وفي شرح الكافية (١/ ٩٥) قال الرضي: «ولا يعلم إفادة في للتّبعيض».
(٨) البيت من بحر الكامل من قصيدة للنابغة الذبياني كلها في الغزل (ديوان النابغة ص ١٤٤) مطلعها:
أمن آل ميّة رائح أو مغتد ... عجلان ذا زاد وغير مزوّد
وبيت الشاهد بهذه الرواية: فيه إقواء لأن القافية كلها مكسورةو بعده أيضا:
لا مرحبا بغد ولا أهلا به ... إن كان تفريق الأحبّة في غد
ويروى أن النابغة أصلح بيت الشاهد وغيّره إلى قوله: وبذاك تنعاب الغراب الأسود.
والبوارح: جمع بارح وهو ما مر من الطير والوحش من يمينك إلى يسارك، والعرب تتطير به.
والشاهد في البيت قوله: أنّ رحلتنا غدا حيث رويت كلمة غد بالرفع على الخبرية وبالنصب على الظرفية، -

<<  <  ج: ص:  >  >>