وفيها: وصل مملوك نائب حلب إلى القاهرة، وعرف السلطان بأن نائب حلب عند توليته - كما تقدم - جرد عسكرا إلى ناحية ملطية بسبب الغارة، وذلك أن بعض التجار شكا إليه أن جماعة طرحوا عليهم من أهل ملطية، فأخذوا ما معهم، وجعل مقدم المجرّدين الأمير سيف الدين بكتمر الحلبى، فساروا إلى أن وصلوا إلى أرض ملطية وهجموا على ربضها، فوجدوا قد نزل بها تلك الليلة أمير تومان ومعه أربعة آلاف فارس، وكان السبب لحضورهم أن أهل ملطية لما اتفق منهم ما اتفق، علموا أن نائب حلب لا بد أن يجرد إليهم عسكرا، فبعثوا إلى نائب الأردو وعرّفوه بذلك، فسير إليهم هؤلاء، واتفق وصولهم مع وصول عسكر حلب فى تلك الليلة، فلما هجموا رآهم المغول فركبوا إليهم، وكان عسكر حلب ألفا وخمسمائة فارس، فلما رأوا المغول اجتمعوا وتشاوروا ماذا يكون العمل؟ فقال الحلبىّ وكان من أهل الشجاعة والفروسية: أنتم تعلمون أن حلب بعيدة وإذا [٥١] قصد أحد منا أن يهرب يموت فى الطريق ويكون من أهل جهنم، فنقوم ونجتهد، فإن فتح الله لنا ونصرنا على هؤلاء يكون لنا الوجه الأبيض عند الله وعند السلطان والناس، وإن قتلنا فيكون الأجر على الله ونبعث مع الشهداء، وأنا أول من يصدم هؤلاء ونفسى تحدثنى بالنصر، فأجابوه بالسمع والطاعة، فعند ذلك جمعهم طلبا واحدا، فصدمهم صدمة عظيمة، فجاءت طعنة لمقدم المغول من بعض الحلبيين، فوقع إلى الأرض، وولى بقية أصحابه منهزمين، وقتلوا منهم مقتلة عظيمة، وأخذوا جمالا كثيرة، وأغناما كثيرة، ورجعوا إلى حلب سالمين ومعهم رءوس القتلى وثلاثون أسيرا من المغول، فكتب النائب بذلك إلى السلطان، فرسم له بالتشريف وكتب له بالشكر والثناء،