للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر القبض على الأمير بيسرى]

والسبب فيه أن منكوتمر كان يعلّم عن السلطان الكتب والتوقيعات فى الأيام التى وقع السلطان من الفرس فى الميدان حين كان يلعب بالآكرة، وكان يخاف على السلطان من عارض، وكان يعلم أن ما فى الدولة أكبر من بيسرى، ومع هذا كان البيسرى يكره منكوتمر فى الباطن، وكان [منكوتمر] (١) يخاف أنه إذا جرى أمر يكون البيسرى هو المقدّم، وأنه إذا تقدّم أوقع به، فشرع فى التدبير على مسكه، وكان السلطان قد رسم فيما مضى أن يكون البيسرى كاشفا بالجيزة (٢) وأن يحضر الخدمة أيام الإثنين والخميس، وكان يجلس رأس الميمنة ويجلس فوقه حسام الدين بلال المغيثى الطواشى، لأجل كبره وتقدّمه، وكان الملوك والأمراء يعظمونه، واتفق أن البيسرى حضر على عادته وقامت الأمراء، فلما رآه [١٥٨] الطواشى قام إليه وشرع يبكى ويمسح عينه بالمنديل قدام الأمراء، فحشوا من بكائه وقالوا: يا سيدنا ما سبب بكائك؟ فقال: كلما رأيت هذا الأمير أفتكر أستاذى وأشم فيه روائح الملوك، فبلغ ذلك فى وقته منكوتمر، فأثّر عنده تأثيرا عظيما، وعرّف السلطان بذلك، وبالغ فى الكلام فيه، وما نهض من عنده إلا بعد الاتفاق على مسك البيسرى، ولكن استمهل السلطان فى ذلك أياما، وبقى مفكرا فى أمره، وكيف يدبر على مسكه وذلك لما كان يعلم من


(١) [] إضافة للتوضيح.
(٢) «ثم حسن منكوتمر للسلطان أن ينتدب بيسرى لكشف جسور الجيزة، فتقدم لذلك مع أنها غض منه، إذ محله أجل من ذلك، فلم يأب وخرج إلى الجيزة بمماليكه وأتباعه» - السلوك ج‍ ١ ص ٨٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>