قال الراوى: وما أصبح الصباح إلا وقد انضم شمل عساكر السلطان، وأخذ كل أحد موضعه، وأما قطلوشاه فإنه شاور مع بعض الأمراء الكبار الذين معه فيما يفعله، وقد تحققوا فى أنفسهم الموت، فوقع رأيهم على أن يقيموا على الجبل ولا ينزلوا ويقاتلوا العسكر إلى أن يفنوا ولا يسلموا أنفسهم، وما زالوا محترسين على أنفسهم إلى أن طلعت الشمس وقوى نورها، فنظروا إلى عسكر قد ملأ الأرض، ولم يروا مثلهم فى أعمارهم، وأراهم الله فى عيونهم فى كثرة لا تحصى ولا تعد.
ثم شرع المسلمون يريدون أن يهجموا عليهم، فمنعهم الأمراء، وفرقوا العساكر حول الجبل على بعد.
وشرع قطلوشاه والأمراء ورتبوا عسكرهم، فجعلوا كل مقدم إلى جهة، ونزل منهم بعض ركاب وجماعة من الرجالة وقصدوا قتال العسكر.
ولما رأى السلطان والأمراء ذلك جعلوا قبالة كل مقدم مع طائفته أميرا من الأمراء، وأضافوا إليه من كان يناسبه، وخرج مماليك السلطان إلى مقابل قطلوشاه وجوبان، فشرعوا يقاتلون معهم تارة بالرمى وتارة بالهجوم عليهم، وقد لاح للإسلام وجه النصر على الأعداء، وصار كل مقدم من الأمراء يقاتل بالنوبة، يقاتل واحد ثم يذهب ويجئ غيره، وكذلك فعل المغل، والسلطان والأمراء واقفون ينظرون إليهم، فإذا قتل فرس واحد منهم أحضروا غيره فى الساعة حتى أن بعضهم كان يقتل له فرس وفرسان وثلاثة من النشاب.