للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه الوقعة، ولما اجتمع بالأمراء أراد بيبرس ينكى كتبغا، فأرسل من يحضر بالجوشن المذكور، فلما حضر به قام بيبرس ولبسه، والأمراء كلهم حاضرون وكتبغا فيهم، ثم نظر بيبرس إلى كتبغا وقال: يا أمير إش تقول؟ يصلح لى هذا الجوشن فألبسه أم لا؟ فنظر إليه كتبغا ولم يعلم ما فى نفس بيبرس مما قصده من إنكائه. فقال: والله يا أمير هذا كأنه قد فصّل لك، ولو لبسه غيرك ما لاق به، فنظر بيبرس إلى الأمراء وتغامزوا، وعلم كل منهم ما قصده بيبرس فيما فعله، وهذا الذى اتفق لكتبغا لم يسمع فى دولة من الدول، فسبحان الفعال لما يريد (١).

ذكر ما دبّر السلطان وأمراء دولته بعد قدومهم:

[٢١٨] ولما استقر ركاب السلطان فى القاهرة أمر للأمراء فى أخذ الأهبة والتجهيز وتحصيل أصناف السلاح، فشرعوا فى ذلك ولم يدعوا صانعا إلا وأحضروه، وأمروا للوزير بجمع الأموال من سائر الجهات لأجل النفقات، وكان من أجلّ من قام فى أمر النفقة الأمير سيف الدين سلار، والأمير سيف الدين بكتمر أمير جندار.

قال صاحب النزهة: حكى لى بعض مماليك بكتمر فقال: خرجت أنا والأمير ومعنا من مماليكه ستة أنفس من المصافّ يوم الهزيمة، وإذا أنا بشخص جندى اعترضنا وبيده رمح، وقال للأمير: إلى أين يا من يأكل ثلث ديار مصر، أما تستحى من الله وأنت هارب؟ قال: فالتفت إليه الأمير فقال: ويلك أنا وحدى إش أقدر أعمل؟ فتقدم أغير أنا وأنت. فقال: لأى شئ عملت لى لما قبضت ريع خبزك، فقال: أنا وأنت نأكل، وأنت تأكل ثلث إقطاعات مصر وأنا آكل


(١) انظر السلوك ج‍ ١ ص ٨٩٦ - ٨٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>