للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكتب عليهم إشهادات بالقسامات أن لا يَعْصر أحدٌ عنبًا للخمر، ولا يستعمل بضيعتها، فمن ظهر عليه بذلك كان عند ألف دينار لبيت مال المسلمين، بعد الضرب الشديد والتشهير.

ونشر العدل، ورفع الظلم، وأمر بالمعروف، ونهى عن المنكر.

ثم طلب الولاة والدواوين والعمال، وقال لهم: بلغني أنكم تأخذون الرشى والبراطيل، وتضيعون حقوق الناس، وأنا أقسم بالله العظيم أن أي مَنْ بلغني عنه أنه أخذ من أحد درهمًا فردًا بغير حق قطعت يده.

قال الراوي: وبقيت مدة سبع شهور ما يعرف له مملوك، لقلة حرمتهم بين الناس، وأي من اشترى شيئًا من مماليكه يبيع له السُّوقي ما يساوي الدرهم بدرهمين، فشكي المماليك ذلك إلى كراي أستاذهم، فقال لهم: أما البيع والشراء فمراضاة، وأما الحرمة فتريدون منى أن أعمل مثل غيري، وأدخل جهنم بسببكم؟ لا كان ذلك أبدًا، ونهاهم عن مخالطة الناس، وقال: لا جاه إلا جاه الله الدائم الباقى.

[ذكر ما جرى على طوغان نائب البيرة]

قد ذكرنا أن سيف الدين كراي كان قد مسك اسندمر الكرجي نائب حلب، وذلك قبل مجيئة إلى نيابة دمشق، وكان لما مسكه قال للأمراء: قد بقى أمر آخر وفيه خطر، نريد أن نفعله قبل فواته، فقالوا: ما هو؟ قال: اطلبوا إلى براج (١) حلب، فطلبوه، فحضر، فقال له: عندك حمام للبيرة؟ فقال: نعم، قال: هات لي نوبة حمام، فكتب لطوغان نائب البيرة كتابًا: أن في النهار الذي وصلنا إلى حلب قبضنا على نائبها اسندمر، فهرب من مماليكه جماعة وطلبوا التعدية من الفرات، ووجهنا خلفهم أمراء وعربانًا، فحال وقوفك على الكتاب تنزل بمن معك من القلعة وتمسك المخائض، وإياك أن يفوتك فيقع عليك


(١) البراج: هو الذي يحمل بريد الحمام، أو يقدمه إلى السلطان، إلا أن كاتب السر هو الذي يقرأه، صبح الأعشى ١٤/ ٤٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>