كان حسن الصورة، جيّد السيرة، صحيح السريرة، مقتضيا بأبيه المستنصر بالله فى المعدلة وكثرة الصلاة والصدقات وإكرام العلماء والعباد، وقد استجاز من الحافظ بن النجار، فأجاز له، وكذلك أجاز له جماعة من مشايخ خراسان منهم: المؤيد الطوسى، وأبو روح عبد العزيز بن محمد الهروى، وأبو بكر بن الصغار وغيرهم، وحدث عنه جماعة منهم: مؤدبه شيخ الشيوخ صدر الدين أبو الحسن على بن محمد بن النيار، وأجاز هو للإمام محيى الدين بن الجوزى، وللشيخ نجم الدين البادرائى، وحدثا عنه بهذه الإجازة، وقد كان سنيا على طريقة السلف وإعتقاد الجماعة كما كان أبوه وجده، ولكن كان فيه لين وعدم تيقظ وضعف رأى ومحبة للمال وجمعه، ومن جملة ذلك أنه أغل الوديعة التى استودعها إياه الناصر داود بن الملك المعظم، وكانت قيمتها نحوا من مائة ألف دينار، فاستقبح هذا من الخليفة وأمثاله.
[الثالث فى مقتله]
قد ذكرنا أن التتار قتلوه مظلوما شهيدا، وقتل معه ولده وأسر الثالث مع بنات ثلاث من صلبه، وشغر منصب الخلافة بعده، ولم يبق فى بنى العباس من سد مسده، فكان آخر الخلفاء من بنى العباس الحاكمين بالعدل بين الناس، ومن يرتجى منهم [٤١٣] النوال، ويخشى منهم البأس، وختموا بعبد الله المستعصم، كما افتتحوا بعبد الله السفاح.
وكانت عدة الخلفاء من بنى العباس إلى المستعصم بالله سبعة وثلاثين خليفة، وكان أولهم عبد الله السفاح، بويع له بالخلافة وظهر ملكه وأمره فى سنة ثنتين