للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر طلب المظفر الشيخ تقي الدين بن تيميّة وهو في حبس إسكندرية

ولما تمكن المظفر في السلطنة، قال: نحن قد كنا جبنا من الشام فقيها يقال له ابن تيمية (١)، وهو في حبس إسكندرية، فأحضروه حتى يوافق علماء مصر على مبايعتنا، فأرسل قاصدًا إلى إسكندرية وأحضره، فلما اجتمع بالسلطان الملك المظفر طلب العلماء والقضاة، ثم قال له المظفر: هل تعلم لأي شيء طلبناك؟ فقال: الله أعلم، قال: لأن السلطان الملك الناصر خلع نفسه من السلطنة واتفق المسلمون بأجمعهم وبايعوني على السلطنة وقد بقيت أنت، فقال له: ومن يشهد على الملك الناصر بأنه نزل عن السلطنة؟ فقال: عندنا [كتاب] (٢) بخط يده، فقال: أين الكتاب؟ فأحضروا له الكتاب، فقرأه من أوله إلى آخره، ورفع رأسه وقال: مَنْ يشهد بأن هذا خط الملك الناصر. فقال: [عندنا] (٣) مَنْ يشهد بأن هذا خطه بيده بعزل نفسه، وهم عدول، فقال: أحضروا من يشهد، فأحضروا علاء الدين (٤) بن عبد الظاهر فقال له الشيخ: يا علاء الدين أنت تشهد بأن هذا خط الناصر، فقال: بل أعلم بأن هذا علامته، فقال لهم: نحن نطلب مَنْ يشهد بأن هذا خطه بيده بعزل نفسه. فقال المظفر، وقد امتلأ غيظًا: عندي مَنْ يشهد على لسان الملك الناصر بأنه خلع نفسه عن السلطنة، فقال: أطلبوهم، فطلبوا بلبان الدمشقي والبرواني، فلما حضرا قدام الشيخ تقي الدين قال لهما: أتشهدان؟ فقالوا:


(١) هو: أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية الحراني ثم الدمشقي الحنبلي، تقي الدين، ولد سنة ٦٦١ هـ بحران، وتوفي سنة ٧٢٨ هـ/ ١٣٢٧ م، الوافي بالوفيات ٧/ ١٥ رقم ٢٩٦٤، الدرر الكامنة ١/ ١٥٤ رقم ٤٠٩، المنهل الصافي ١/ ٣٥٨ رقم ١٩٥.
(٢) كتابًا: في الأصل.
(٣) عند: في الأصل، والتصويب يتفق مع السياق.
(٤) هو: علي بن محمد بن عبد الله بن عبد الظاهر السعدي، الرئيس علاء الدين، ولد سنة ٦٧٦ هـ، وأدخل ديوان الإنشاء في الدولة المنصورية وعمره إحدى عشر سنة، وتوفي سنة ٧١٧ هـ/ ١٣١٧ م، الوافي بالوفيات ٢٢/ ٥٢ رقم ١٤، المنهل الصافي ٨/ ١٧٣ رقم ١٦٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>