للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نشهد على الملك الناصر بأنه خلع نفسه من السلطنة لعجزه عن القيام بواجبها، فقال الشيخ تقي الدين: من أين أنتما؟ قالا: نحن من أمراء مصر من مماليك الملك المنصور، فقال: هل [لكما] (١) عتاقة من المنصور؟ قالا: لا. فقال: لا تجوز شهادة العبد على مولاه، وأنتما في العبودية فلا تجوز شهادتكما على ابن أستاذكما، فاغتاظ الملك المظفر، وقال: ودوه إلى موضع كان فيه، فردوه إلى حبس إسكندرية.

قلت: وكذلك لم يوافق قاضي قضاة الحنابلة بدمشق بقية القضاة والعلماء في إثبات الكتاب الذي فيه عزل الناصر نفسه.

فقال ابن كثير: وفي مستهل ذي القعدة وصل الأمير عز الدين البغدادي إلى دمشق، فاجتمع نائب السلطنة والقضاة والأمراء والأعيان بالقصر الأبلق، فقرأ عليهم كتاب الناصر إلى مصر، وأنه قد ترك المُلك وأعرض عنه، فأثبته القضاة، وامتنع الحنبلي من إثباته وقال: ليس أحد يترك الملك اختيارًا ولولا أنه مضطهد ما تركهـ، فَعُزل وَوُلِّى غيره، ثم استحلفهم للسلطان المظفر، وكُتبت ألقابه على القلعة ومحال المملكة، ودُقت البشائر، وزَيَّن المدينة، ولما قُرئ كتاب السلطان على الأمراء بالقصر: "أني صحبت الناس عشر سنين ثم اخترت المقام بالكرك، تباكى جماعة من الأمراء، ثم بايعوا مُكرهين (٢).

وخُطب للمظفر بدمشق يوم الجمعة السادس من ذي القعدة، وحضر النائب في تاسع عشر ذي القعدة، وقرأ تقليد النائب كاتب السر القاضي محيي الدين بن فضل الله بالقصر بحضرة [أرباب] (٣) الدولة وعليهم الخُلَع كلهم، والله أعلم.


(١) كلما: في الأصل، والتصويب يتفق مع السياق.
(٢) ينظر البداية والنهاية ١٨/ ٨٠ حيث يوجد اختلاف في بعض الألفاظ.
(٣) إضافة تتفق مع السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>