وقد ذكر بيبرس وفاته فى السنة الماضية (١)، والصواب ما ذكرناه.
وشغرت البلاد من الخليفة العباسى إلى أن قدم أبو العباس أحمد بن الأمير أبى على القبى بن الأمير على بن الأمير أبى بكر بن الإمام المسترشد بالله بن المستظهر بالله أبى العباس أحمد من بلاد الشرق، وصحبته جماعة من رؤوس تلك البلاد، وقد كان شهد الوقعة فى صحبة المستنصر بالله المقتول، وهرب هو فى جماعة من المعركة، فسلم، وتوجه إلى الديار الشامية طالبا الديار المصرية، فحضر إلى القاهرة فى السابع والعشرين من ربيع الآخر من هذه السنة، ويوم دخوله تلقاه السلطان الملك الظاهر وسرّ به، وأكرمه وعظمه، وأنزله فى البرج الكبير بقلعة الجبل، وأجرى عليه الأرزاق الدارة والإحسان، ولم يحصل له بيعة إلا فى سنة إحدى وستين وستمائة، على ما نذكره إن شاء الله تعالى.
ذكر ماجريّات الملك الظّاهر:
منها: أخذه الشوبك من الملك المغيث بن الملك العادل الصغير.
ولما عاد السلطان من الشام إلى الديار المصرية فى السنة الماضية جرد الأمير بدر الدين الأيدمرى ومعه جماعة، ولم يعلم أحدا جهة مقصده، لأن الملك الظاهر كان حازما فى أمره، كأنما لسره مقتديا بقول القائل:
إذا ضاق صدر المرء عن سرّ نفسه … فصدر الذى يستودع السرّ أضيق
(١) ذكر بيبرس المنصورى خبر مقتل الإمام المستنصر بالله فى أحداث سنة ٦٥٩ هـ، ولكنه لم يحدد بالضبط يوم مقتله - زبدة الفكرة ج ٩ ورقم ٤٩ أ، ٤٩ ب.