للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر إرسال قرا سنقر ولده إلى الملك الناصر بالكرك]

ولما خرج الأميران المذكوران أيبك وسَاطِي من عند قرا سنقر على وجه غير مرضٍ كتب كتابًا إلى الملك الناصر وهو بالكرك يلومه على نزوله عن الملك وكيف وقع ذلك ولم يشاوره في أول الأمر، ووعد له برجوع المُلْك إليه عن قريب، وإنه هو والأمير قفجق نائب حماة والأمير أسندمر نائب طرابلس ما حلفوا للمظفر وأنهم مقيمون على أيمانهم له، وأرسل إلى قفجق (١) وأسندمر نظير ما كتب ليكتبا مثله إلى الملك الناصر، ثم عين ولده ناصر الدين محمد أن يأخذ كتابه وكتاب نائب حماة ونائب طرابلس ويذهب إلى الملك الناصر، فأخذ كتب الثلاثة وسار مسرعًا ومعه نجاب يسمى [مَعَن] (٢)، وكان خبيرًا بتلك الأراضي ومنازلها ومناهلها من جهة البرّ، فلم يزالا سائرين في البراري والمفاوز إلى أن وصلا إلى الكرك وناصر الدين عليه زي النجابة.

ولما وقفا على باب قلعة الكرك، وسألوهما من أين أقبلتما؟ فقالا: من مصر، فدخلوا وأعملوا الملك الناصر بأن على الباب نجابين من مصر، وهما يطلبان الحضور، فقال: أحضروهما، فلما تمثلا بين يديه كشف ناصر الدين لثامُه عن وجهه فعرفه السلطان الملك الناصر، فقال له: محمد، فقال: لبَّيك، فقبل الأرض وقال: يا مولانا السلطان، لابّد من خلوة، فأمر السلطان لمن حوله بالانصراف، فعند ذلك حَدَّث ناصر الدين بما جرى لأبيه وقفجق وأسندمر، وأنهم اجتمعوا في حلب وتحالفوا بأنهم على قلب واحد، [وبأنهم] (٣) مقيمون على الأيمان التي حلفوها للملك الناصر، ثم دفع الكتب الثلاثة إليه فقرأها، ثم قال: يا محمد، فما لهم قدرة على ما اتفقوا عليه لأن كل مَنْ في مصر والشام قد اتفقوا على سلطنة المظفر بيبرس، ولما سمع بذلك ناصر الدين حلف بأن كل واحد من هؤلاء الثلاثة كفؤ لأهل مصر والشام ومولانا السلطان أخبر بذلك مني، فتبسم


(١) وأرسل إلى قفجق: مكررة في الأصل.
(٢) معنا: في الأصل، والتصويب مما يلي
(٣) وأنهم اجتمعوا في حلب وتحالفوا بأنهم: في الأصل، وهو تكرار مما سبق.

<<  <  ج: ص:  >  >>