وقد رجعوا عن دمشق وركبوا أعالى الغوطة، ففرحت الناس لذلك وعلموا أن الله قد استجاب دعاءهم ورحمهم.
وكان سبب عدولهم عن دمشق أن جواسيس قطلوشاه قد حضروا إليه فى الليل، وعرفوه أن النواب مع عساكرهم، لما سمعوا بوصولك إليهم، وتحققوا أن عسكرك عظيم، وأنهم ليس لهم طاقة للملاقاة، اتفقوا على أن يخلوا لك دمشق حتى تدخل إليها وتشتغل بأهلها، وينجون هؤلاء بأنفسهم، مع أنا سمعنا أن لهم عسكرا خرجوا من مصر وهم مقبلون، فهؤلاء قد ذهبوا إليهم حتى يعتضدون بهم، ثم يرجعون جملة واحدة ويعملون شيئا وأنتم مشغول فى المدينة، فلما سمع قطلوشاه ذلك أعلم أمراءه بذلك وأكابر عسكره، واتفق رأيهم أن لا يدخلوا دمشق، فإنه إن دخلوا يفسد أمرهم ويشتغل العسكر بالكسب، فيحصل الفساد إن عاد عسكرهم علينا، ومع هذا يمكن أن يكون هذا مكيدة من نائب الشام، فعند ذلك ركبوا وقصدوا الطريق التى من وراء المرج حتى ينزلون من خلف دمشق على الكسوة، ثم يتتبعون آثار [٢٨٢] عسكر الشام، فحيثما يتلاقون بهم يحطمونهم.
فلما رأت أهل دمشق ذلك حمدوا الله تعالى. واستمروا مقيمين فى الجامع، مشتغلين بالدعاء والقنوت فى الصلوات.
قال الراوى: وكان يوم خروج الشاميين من دمشق يوم نزول السلطان الملك الناصر بعساكره على رأس العقبة، وكان يوم استهلال شهر رمضان المعظم.
[ذكر خروج السلطان من القاهرة ووصوله إلى شقحب]
كان خروج السلطان من مصر فى الثالث من شعبان من هذه السنة، وأسرع