للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي النزهة: لما جاء إليه الأميران المذكوران قالا له: رواحك من السلطان ما هو مصلحة، وأنت تعلم أن ما عنده أكبر منك، وقدرك كبير، ثم ناولاه أمان السلطان، فأخذه وباسه ووضعه على رأسه، وقال: بإسم الله سمعًا وطاعة لمولانا السلطان، غير أنه قد بغضوني إليه، وأنا خائف من سطوته، وإن كان أن يمكن أن أحلق رأسي وأقعد في بعض المساجد. فقالا له: طيب خاطرك واشرح صدرك، فما عند السلطان أعز منك، ثم سير الزردكاش مملوكًا من مماليكه يعرف السلطان بأن الأفرم قد أجاب إلى الطاعة وهذا هو واصل، فأمر السلطان [الأمراء] (١) بأن يركبوا إلى المزة ويلاقوه، وركب هو أيضًا بنفسه ولاقاه، فلما أشرف عليه أرمي نفسه إلى الأرض، فقبلها بين يدي السلطان، فأراد السلطان أن يترجل، فأقسم عليه بالله العظيم أن لا يفعل، وسار الأفرم قدامه إلى أن دخلوا القصر، ولما استقر به الجلوس خلع على الأفرم خُلعة من الأطلس الأحمر عليها طرازًا من الذهب، وأعطاه حياصة مجوهرة وسيفًا من سيوفه وحصانًا من خيله بسرج مغرق من الذهب، وقال له: أنت أكبر مماليك أبي، وما كنت أعتمد على أحد من أمراء الشام إلا عليك، فباس الأفرم الأرض، وقال: والله، ما كان رواح المملوك لأجل خروجه عن الطاعة، نعوذ بالله، غير أنه بلغه أن بعض مماليك السلطان نقل عن المملوك شيئًا لا فعله، فخشي على نفسه من سطوة السلطان فيروح بغير جناية عملها، فطيب السلطان خاطره، وقال له: دمشق لك مثل ما كانت أولًا، وما أغير عليك شيئًا يا أمير جمال الدين، فباس الأرض، فأمره بالانصراف، فخرج من عنده وبين يديه الأمراء والحجاب، فركب وسار إلى منزله (٢).

[ذكر مجئ بقية النواب]

قال ابن كثير: وصل الأمير قفجق نائب حماة، والأمير اسندمر نائب طرابلس


(١) للأمراء: في الأصل.
(٢) ينظر أيضًا ما ورد في كنز الدرر ٩/ ١٧٤ - ١٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>