للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما كان ليلة الخميس: ساروا إلى ناحية الكسوة، وقد وصلت التتار إلى القطيعة، فانزعج الناس لذلك، ولم يبق حول دمشق من القرى والحواضر أحد، وامتلأت القلعة، وازدحم الناس فى المنازل والطرقات، وخرج تقى الدين بن تيمية صبيحة يوم الخميس المذكور من باب النصر بمشقة كبيرة، وفى صحبته جماعة ليشهد القتال بنفسه ومن معه، وبقى البلد ليس فيه حاكم، وعاثت اللصوص والحرافيش فى بساتين الناس يخربون وينهبون، وانقطعت الطريق إلى الكسوة، وظهرت الوحشة على البلد، ويتعجبون من أمر الجيش مع كثرتهم أين ذهبوا، ولا يدرون ماذا فعل الله بالناس، فانقطعت الآمال، وألحّ الناس فى الدعاء والابتهال (١).

ذكر ما جرى لعسكر الشام وما فعل التّتار القادمون:

ولما كان الناس فى الحيرة والدهشة من قدوم التتار وتأخر السلطان، وعدم علمهم بأمر عسكر الشام، جاء فخر الدين إياس - أحد أمراء دمشق - آخر نهار يوم الخميس التاسع والعشرين من شعبان يبشر بوصول السلطان واجتماع العساكر المصرية والشامية، وقد أرسل ليكشف هل طرق البلد أحد من التتار، فوجد الذين يكشفون الخبر أن التتار قد عرجوا عن دمشق إلى ناحية العساكر، ولم يشتغلوا بالبلد، لأنهم كانوا يقولون: إن غلبنا فالبلد لنا وإن غلبنا فلا حاجة لنا به، فعند ذلك نودى فى البلد بتطييب الخواطر لأن السلطان قد وصل وإن التتار غير متوجهين إلى البلد، فسكنت قلوب الناس، والله المستعان (٢).


(١) انظر البداية والنهاية ج‍ ١٤ ص ٢٤ حيث يوجد اختلاف فى بعض الألفاظ وإضافات لا تغير المعنى.
(٢) البداية والنهاية ج‍ ١٤ ص ٢٤ - ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>