للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون الملك الناصر قد جهز فداوية يجدون فرصة في هذا الجمع العظيم، وربما يقفز واحد منهم عَلَى واحد منا فيقتله، فقالوا كيف يكون الرأي؟ فقال قراسنقر: الرأي عندي أن يلبس كلكم الزرديات من تحت الثياب، وتحترزون غاية الاحتراز، ولا تهملوا هذا الأمر، فالملك الناصر ما يغفل عنكم، فقال الأفرم: يا شمس الدين، لقد بالغت، مَنْ هو الذي يسبقنا إلى تبريز؟ فقال له قراسنقر: سوف أذكرك، أنا أخبر بالملك الناصر، وما عنده من الحِيَل [والمُخَادعة] (١)، وهو لا يُؤمن منه، فلبس الجميع الزرديات.

وقد وصل جوبان بمن معه من أمراء المغل، فتلقاه قراسنقر، وأراد أن يترجل فمنعه من ذلك، وتصافحوا على ظهور الخيل، وكذلك جميع الأمراء، وساروا طالبين تبريز، وبقى جوبان يحدثهم ويعدهم من خربندا بكل خير، ولما أشرفوا على تبريز خرج جميع أهلها على الصفة التي ذكرناها، وشقوا المدينة، وخرج بهم جوبان إلى بستان خربندا في ظاهر تبريز، وكان بستانًا هائلًا، وكانوا يسمونه الشام، لحسنه ونضارته وكثرة خيراته، ولم يبق لأهل تبريز إلا [الحديث] (٢) في قراسنقر ومن معه من الأمراء، فقوم يلعنونهم حيث أنهم دخلوا بلاد الأعداء وتركوا بلاد الإسلام، وقوم يقولون هم معذورون.

وفي ساعة نزولهم أرسل جوبان إلى خربندا يُعلمه بوصولهم (٣)، ويشاوره فيما يفعل، فرد الجواب بأن يقيم بهم يومًا في توريز إلى أن آجي، فتأخروا، وأقاموا عشرة أيام، كل يوم يركب جوبان والأمراء وهم ملبسون تحت قماشهم من خوفهم من الفداوية.

[ذكر قضية الفداوى مع الأفرم]

قال الراوي: لما كان في يوم من الأيام وهم قد فضوا الموكب ورجعوا يريدون منازلهم، وفي [الرجعة] (٤) اختلطت الأمراء بالأجناد والعوام على العادة، وإذا فداوى


(١) والمتخاوعة: في الأصل، والتصويب يتفق والسياق.
(٢) إضافة للتوضيح.
(٣) بنزولهم بوصولهم: في الأصل، ومشطوب على كلمة بنزولهم.
(٤) الرجعوا: في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>