للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بنت الملك العادل أبى بكر بن أيّوب بتدبير مملكته، واستقل بالملك بعد وفاتها فى سنة أربعين وستمائة، وعمره ثلاث عشرة سنة، وزاد ملكه على ملك أبيه وجدّه، فإنه ملك مثله (١) حرّان والرها والرقّة ورأس عين وما مع ذلك من البلاد، وملك حمص ثم ملك دمشق وبعلبك والأغوار والسواحل إلى غزة، وعظم شأنه، وكسر عسكر مصر، وخطب له بمصر وبقلعة الجبل كما ذكرنا، وكان قد غلب على الديار المصريّة لولا هزيمته، وقتل مدبّر دولته شمس الدين لولو الأمينىّ، ومخامرة مماليك أبيه العزيزيّة.

الثّانى فى سيرته:

كان ملكا جيّدا، حليما جدّا، وجاوز به الحلم إلى حدّ أضرّ بالمملكة، فإنه لما أمنته قطاع الطريق فى أيام مملكته من القطع والقتل تجاوزوا الحدّ فى الفساد، وانقطعت الطرق فى أيامه، وبقى لا يقدر المسافر إلا برفقة من العسكر، وكثر طمع العرب والتركمان، وكثرت (٢) الحرامية، وكانوا يكسرون أبواب الدور، ومع ذلك إذا حضر القاتل بين يديه يقول: الحىّ خير من الميت ويطلقه، فأدّى ذلك إلى انقطاع الطرقات وانتشار الحرامية، وكان على ذهنه شئ كثير من الأدب والشعر، ويروى له أشعار كثيرة منها قوله:

فو الله لو قطّعت قلبى تأسّفا … وجرّعتنى كاسات دمعى دما صرفا

لما زادنى إلا هوّى ومحبّة … ولا تخذت روحى سواك لها إلفا


(١) «مثل» فى الأصل، والتصحيح يتفق مع السياق.
(٢) «وكثرت» مكررة فى الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>