ذكر نسخة الكتاب الصادر [٢٩١] من السلطان من مرج الصفّر إلى قازان فى رابع شهر رمضان (١):
الحمد لله على ما جدّد لنا من النعمة التامة، وسمح به من الكرامة العامةّ حين أعاد النعيم إلى كماله، والسرور إلى أتم حاله، فاستأنست النفوس إلى استمرار عوائدها، وارتاحت القلوب إلى معجز فوائدها، وأضاءت شمس المعالى، وطلعت بدورها بالسعد المتوالى، إذ كانت غلطة من الدهر فاستدركها، وسقطة بدت عنه فما تركها، فقرّت بذلك العيون، وتحققت فى بلوغ الآمال الظنون، فلله الشكر الجزيل ما أومض فى الجو بارق، وسرى فى الآفاق نجم طارق.
وبعد: فليعلم الملك الجليل محمود، جامع الجيوش وحاشد الجنود، أنه تظاهر بدين الإسلام، وأشهر ذلك بين الأنام، وأبطن خلاف ما ظهر، وتظاهر بالباطل والحقّ ستر، ثم فعل ما قدره الله عز وجل وما حكم به القدر، فحملنا ذلك على أنه تقدير، وأن ليس يجدى فيما أراد الله عز وجل تدبير، فما لبث الملك إلا أيسر مدّة، وأرسل رسله إلينا مجدّه، وهو يطلب الصلح ويحرّض عليه، ويذكر الإسلام ويندب إليه، وزعم أنه ليس يختار الفساد فى الأرض، فإن الواجب علينا وعليه إصلاح ذوى الدين وأنّ ذلك فرض، فعلمنا مقصده فى مقاله، وتستر منا بستر يلوح وجه القدر من خلاله، فأكرمنا رسله كرامة تليق بفعالنا، وسمعنا رسالتهم وجاو بناهم على مقتضى حالهم لا مقتضى حالنا، وأعدناهم إليه بما هم مصروّن عليه، فعاد رسوله يطلب رسولا يسمع
(١) انظر نص الخطاب فى كنز الدرر ج ٩ ص ١١٩ - ١٢٢، حيث يوجد اختلاف فى نعض الألفاظ، ولكنها لا تغير من المعنى.