للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلطان الناصر وحدثه بما جرى، سُرّ السلطان بذلك سرورًا عظيمًا، وخَلع عليه خُلْعة عظيمة، وأعطاه خمسة أروس من الخيل المسومة، وحياصة (١) من ذهب فيها عشر قطع من الجوهر، وسيفًا من سيوفه الخاص، وكتب إلى قرا سنقر كتابًا وشكر فيه شكرًا عظيمًا.

ذكر ما جَرَى على صاحب سيس من التتار

ولما رجع مملوك قرا سنقر من مصر، وبَلَّغ كتاب السلطان إليه، ومعه الخُلَع له ولمن كان معه من الأمراء في تلك الغزاة مع التتار، قال للأمراء: أبعثُ إلى صاحب سيس وأطلب منه الحمل المقرر عليه لأنه قد عوّقه وأنه سمع ما جرى على سوتاي مع التتار وربما داخله الرعب، فاستصوبوا ذلك، وطلب الشهروزي [وأرسله] (٢) إلى صاحب السيس.

ولما وصل إليه أكرمه وأجلسه إلى جانبه، وسأله عن قرا سنقر وعن الوقعة التي كانت بينه وبين سوتاي، فأخبره الشهروزي، فأظهر صاحب سيس فرحًا في الظاهر، وفي الباطن خلاف ذلك، ثم سأله الشهروزي عن سبب تأخير الحمل، فقال: ما كان التأخير تسويفًا منا ولكن عذرنا واضح، وذلك أنه قد وصل إلى قيسارية الروم أمير من أمراء التتار، فأرسل إليّ وطلبني أن أحضر عنده، فحصل لي من ذلك تشويش كبير، وما أرضيت رسوله إلا بالغصب، واجتهدت على تشييعه لما سمعت بقدومك، وقدمت له الخيل والأموال، وقلت له: ما أقدر على الحضور إليه لأني سمعت أن قرا سنقر كسر سوتاي، وربما يغيرون على بلادي، وكان الرسول أيضًا قد بلغه خبر سوتاي، قبل مني العُذر، فسافر والآن ما بقى لنا إلا تجهيز الحمل في أسرع ما يكون، ثم أرسل إلى


(١) الحياصة: الحزام أو المنطقة، ما يشد في الوسط، وتختلف باختلاف الرتب، فمنها ما يكون من ذهب مرصع بالفصوص، ومنها ما ليس كذلك، صبح الأعشى ٢/ ١٣٤.
(٢) وأرسلوا: في الأصل، والتصويب يتفق مع السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>