للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ساعته، فلما دخل عليه شرع يسبه ويهينه، وحمل عليه ليضربه بشئ من عنده، ولم يترك شيئا حتى قال له، غير أنه لم يقل خذوا سيفه، فتقدمت الأمراء الخاصكية وسكنوا غضب السلطان، وصاحوا على بيدرا: أخرج أخرج من وجه السلطان، ودفعوه بأكتافه، فخرج وهو أعمى لا يدرى كيف يمشى ودموعه تنزل على لحيته.

ولما خرج شرع السلطان يقول: أنا أعرف ما مراد بيدرا، والله لا خليت له مالا ولا زوجا، فطلب كاتب السر ورسم له أن يكتب إلى الوزير بأن يوقع الحوطة على نواب بيدرا، ويضرب الجميع بالمقارع، ويأخذ أموالهم، فأىّ شئ وجده لبيدرا من الأموال يحتاط عليه ويحضره صحبته، وتكلم بكلام كثير قدام الخاصكية، وتوعده أنه إذا دخل المدينة يقبض عليه.

ثم أن بعض الخاصكية بعثوا فى السر إلى بيدرا وأخبروه بجميع ما جرى من السلطان فى حقه، وأنهم هم الذين صبروا السلطان فى القبض عليه إلى أن يدخل السلطان المدينة، وقالوا له: احترز وخذ لنفسك، فلما وقف عليه بيدرا اجتمع بالأمراء الذين ذكرناهم وتحالفوا على قتله والهجوم عليه، وكان بيدرا قد استجلب خواطر هؤلاء الخاصكية بالإحسان والخدمة.

[ذكر مقتل الأشرف]

وكان السلطان أعطى الأمراء دستورا ليتوجه كل منهم إلى إقطاعه (١)، وكذلك المقدمين والمفاردة، ولم يترك معه إلا المماليك الخواص.


(١) «وكان لما طالعه الوزير بقلة الحواصل بالثغر أعطى الأمراء دستورا ليتوجه كل منهم إلى إقطاعه» - فى زبدة الفكرة (مخطوط) ج ٩ ورقة ١٨١ ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>