ثمانية وخمسين وستمائة استبدّ هلاون بالمملكة، ولم يبق له معارض، فأفسد فى بلاد الإسلام ما لا يمكن وصفه، فطغى وتجبر إلى أن أهلكه الله تعالى على ما نبيّنه عن قريب.
[الثانى فى سيرته]
كان ملكا جبارا عنيدا، سفاكا للدّماء، لا يتدين بدين من الأديان، وكانت زوجته طغر خاتون قد تنصرت، وكانت تعضد النصارى، وكان هلاون يترامى على محبة المعقولات، ولا يتصور منها شيئا، وكان أهل المعقولات من أفراح الفلاسفة عنده، لهم وجاهة ومكانة، وكان نصير الدين الطوسى العالم فى العقليات - صاحب التصانيف منها: التجريد فى الكلام - عنده، خصيصا به، يشاوره فى مصائبه، وكان الطوسى شيعيا خبيثا، وكان معه حين أخرب هلاون بغداد وقتل الخليفة، وكان هو أحد الأسباب لذلك، عليه ما يستحق، وكانت همة هلاون فى تدبير المملكة وملك البلاد شيئا فشيئا حتى أباده الله تعالى فى هذه السنة.
[الثالث فى هلاكه]
مات فى تاسع ربيع الآخر (١) من هذه السنة، بالقرب من كورة مراغة بمرض الصّدع.
وقال ابن كثير: مات بمدينة مراغة. قيل: حملوه إلى قلعة تلا ودفنوه بها، وبنوا عليه قبة، وكان عزمه أن يجمع عساكره من البلاد ويقصد بلاد الشام ومصر، ولكن الله أهلكه وأراح البلاد والعباد منه، ولما بلغ السلطان الملك
(١) «فى سابع ربيع الآخر» فى البداية والنهاية ج ١٣ ص ٢٤٥.