كان هذا الرجل من الظاهرية، وكانت له نفس قوية، وأخلاق شرسة، وهو معروف بالفروسيّة، وكان قد ولى قوص فى الدولة المنصورية وبقى إلى أن أتت الدولة الأشرفية، وكان الصاحب ابن سلعوس يكتب إليه كتابا لأجل المهمات، ولم يكن يكترث بأمره ولا يحسن فى جوابه، فشاور السلطان على عزله، فأمر بعزله، فقالوا: هذا رجل قوى النفس، فإذا بلغه العزل ربما سد حال الوجه القبلى، وهو قد قويت نفسه بالعرب والسودان، ولا يعزل هذا إلا بالتحيّل عليه، فوقع اختيار السلطان والوزير على توليه أقوش الفارسى، وكان فى طبقة قراقوش فى الحمق والكبرياء، فولاه كشف الوجه القبلى، واعلمه بما قصده من القبض عليه عند ملاقاته، فإذا قبض عليه يرسله مقيدا.
فتجهز أقوش وخرج فى جند كثيرة، وبلغ قراقوش اتفاقه مع الوزير على القبض عليه، فكتم أمره فى نفسه إلى أن وصل أقوش إلى قريب قوص، ولما علم بنزوله طلب مماليكه مع الوافدية المركزين فى قوص وأخبرهم أن هذا الكاشف حضر للقبض عليه من غير مرسوم السلطان، وليس معه إلا مرسوم الوزير، وأنا أريد أن أقبض عليه وأخليه عندى وآخذ جميع ما معه فأنفقه فيكم، وأبعث إلى السلطان وأعرفه بذلك، فإن أنكر فعلى عصيت مع أبى الكنز وأفطعت قوص لكم بأمريات، وأطمعهم بأشياء كثيرة، واستمال عقولهم، فوافقوه على ما قال.
وفى ذلك الوقت وصل كتاب أقوش يذكر فيه العتب وبعض الإنكار لكونه وصل إلى محل ولايته ولم يركب إلى لقائه، فلما قرأ كتابه طلب قاصده وسبه