للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الله تعالى، فقال له: صدقت، ثم طلب نُغيه وطلع إليهم، فأطلعوه على أمرهم، ورأى اسندمر قاعدًا عند السلطان، فقال: يا خوند، بعد هذا نخاف مِمن؟ فقم بنا نمشي، فوالله ما كنا نخاف إلا من قراسنقر وقفجق والأمير اسندمر، وبعد هؤلاء معنا فلا نبالي من أحد، فقال السلطان: فالأفرم لا يُهْمَل أمره، لأن كل مَنْ في الشام ممتثلون أمره، والمصلحة أن أُسير إليه بعض مماليكي وأدعوه إلى طاعتى، فقال نُغيه: خَلِّنا من الأفرم وغيره، فقم بنا نهجم على دمشق، نأخذها وقد مَلَكْتَ البلاد وأَطَاعتك العِباد، من هو الأفرم؟ والله ما بينك وبينه إلا قدر ما يسمع بأنك قد قدمت عليه، وقد خَلَّى دمشق وتسحب، فقال له السلطان: لا بد من التَّسَيُّر إليه حتى ننظر ما جوابه.

ذكر تَسيُّر الناصر مملوكه دنكز إلى الأفرم نائب الشام

ثم إن السلطان طلب دنكز (١) الخازندار، وكان مملوكا عاقلًا، لبيبا فاضلًا، وكتب معه كتابًا يذكر فيه هذه المكاتبة:

إلى المقر العالى الجمالى، مدير الدول والممالك، الذي يحيط به علمه الكريم، أنه قد وصل إلَىَّ نغيه ومعه مغلطاي القازاني وصحبتهما جماعة، ومعهم كتب من أمراء مصر الأعيان، وهم يدخلون عَلَىَّ ويقولون: بالله ارجع إلى مُلْكك ومُلك أبيك ومُلك أخيك، فقد بَالغ بنا الضرر، ولا بقى لنا على ما نحن عليه مُصْطَبر، وإن لم ترحمنا ارحم المماليك الذين لك، فقد ضيقوا الحبوس وملأوا الأبراج، وشبع من لحومهم الكلاب، وهذا المظفر ما ينتظم له المُلكَ، وأنت أكبر مماليك أبي، فجهز أمرك وحلِّف الأمراء الذين عندك، فأنا قَادم إليك حتى تعبر معي إلى الديار المصرية، ويكون على يدك الفتح والنصر، وأنت تعلم شفقتي عليك، والتمامى إليك، ولولاك لم يصل المُلك إلَىَّ في القديم، وكُنتَ في قلعة الكرك وأعطيتك ما طلبته، وسلمتُ إليك نيابة الشام، وجعلتُك قسيمي


(١) دنكز = تنكز: وهو: تنكز بن عبد الله الحسامي الناصري، المتوفى سنة ٧٤١ هـ/ ١٣٤٠ م، الوافي بالوفيات ١٠/ ٤٢٠، رقم ٤٩٢٦، الدرر الكامنة ٢/ ٥٥ رقم ١٤٢٤، المنهل الصافي ٤/ ١٥٦ رقم ٧٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>