ولما مات الملك السعيد كان نائبه فى الكرك علاء الدين أيدغدى الحرانى الظاهرىّ، فاتفق هو ومن معه وأقاموا أخاه نجم الدين خضر مقامه، ولقبوه بالملك المسعود، وشرع المماليك الذى حوله فى سوء التدبير وفرط التقرير، فأنفقوا الأموال، واستخدموا على زعمهم الرجال طمعا فى استرجاع الفائت واستدراك الفارط. هيهات، وقد أراد الله تعالى نقض القواعد الظاهرية بإظهار الدولة المنصورية، وتوجه منهم جماعة إلى الصلت، فأخذوها وأرسلوا [٦٥٠] إلى صرخد، فلم يقدروا عليها، وكاتبوا شمس الدين سنقر وراسلوه فى الاتفاق، ودبّت بينهم عقارب النفاق، وكان سنقر الأشقر قد خرج عن الطاعة.
[ذكر سلطنة سنقر الأشقر فى دمشق]
ولما كان يوم الجمعة الرابع والعشرين من ذى القعدة (١) من هذه السنة ركب الأمير سنقر من دار السعادة بعد صلاة العصر، وبين يديه جماعة من الأمراء والجند مشاة، وقصد باب القلعة الذى يلى المدينة، فهجم منه ودخلها، واستدعى بالأمراء، فبايعهم له، وتسلطن وتلقب بالملك الكامل، وأقام بها، ونادت المنادية بدمشق بذلك، فلما أصبح يوم السبت استدعى بالقضاة والأعيان والعلماء ورؤساء البلد وأكابر الدولة إلى مسجد أبى الدرداء رضى الله عنه، فحلّفهم وحلف لهم، وحلف له أيضا بقية الأمراء والعسكر، وأرسل عسكرا إلى غزّة لحفظ الأطراف وأخذ الغلات.
(١) «ذى الحجة» فى تاريخ ابن الفرات ج ٧ ص ١٦٢، كنز الدرر ج ٨ ص ٢٣٤.