للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٢٥٨]

ذكر عصيان عربان الوجه القبلىّ:

قال بيبرس فى تاريخه: وفى هذه السنة كثرت شكوى الولاة الذين بالوجه القبلى من فساد العربان، وما ظهر منهم من العصيان والنفاق والعدوان، وأنهم لم يزدجروا بالجباية التى أخذت منهم فى السنة الماضية، ولم يسيروا مع الرعية والجند السيرة الراضية، بل منعوا الحقوق واعتمدوا العقوق، وقطع أراذلهم الطريق، وهاشوا على الأجناد، وثاروا فى البلاد، وأكثروا من الفساد، فسار الأمير سيف الدين سلار، والأمير ركن الدين أستاذ الدار كفيلا المماليك ومشيراها وممهدا الدولة ومدّبراها إلى الأعمال المذكورة فى جموع من العساكر المنصورة (١)، وفرقا العساكر ثلاثة فرق ليحيطوا بهم برا وبحرا، ويأخذوهم حيث حلوا سهلا ووعرا، فتوجهت فرقة من البر الغربى، وفرقة من الحاجر، وفرقة من البر الشرقى (٢)، وضربوا على البلاد حلقة كحلقة الصيد، فبقى العربان جميعا فى حلقتهم، وحصلوا فى قبضتهم، فما أفلت منهم أحد من ربقتهم، وأخذوهم بنواصيهم وأقدامهم، وجاؤوهم من خلفهم وقدامهم، وأذاقوهم الوبال، ونكلوا بهم كل النكال، وأبادوا مفسديهم، وأهلكوا معتديهم، ومزقوهم تمزيقا، وفرقوهم بيد الحتوف تفريقا، وأوثقوا مشايخهم بالقيود، وملأوا من رهائنهم السجون، وأخذوا ما كان لهم من خيل وإبل وبقر وغنم، ومنعوا أن يركب أحد من العربان فرسا أو يحمل سلاحا، فانطفأت جمراتهم،


(١) «فى رابع جمادى الآخرة» - فى السلوك ج‍ ١ ص ٩٢١، النجوم الزاهرة ج‍ ٨ ص ١٥١.
(٢) «فرقة من البر الشرقى، وفرقة من البر الغربى، وفرقة من الحاجر» - فى زبدة الفكرة. وانظر بعض التفاصيل فى النجوم الزاهرة ج‍ ٨ ص ١٤٩ - ١٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>