ولما عقد المصريون المجلس، حين قدم إليهم رسول الملك الناصر صاحب دمشق، وهو كمال الدين بن العديم المذكور، قالوا: لابدّ من سلطان قاهر يقاتل التتار، وهذا صبى صغير لا يعرف تدبير المملكة (١)، يعنى السلطان الملك المنصور ابن الملك المعز، وكان كذلك فإنه كان يركب الحمير الغرّة، ويلعب بالحمام مع الخدام.
واجتمع الأمراء الكبار وأعيان العساكر على أنه لا غنى للمسلمين من ملك يقوم بدفعه، وينتدب لمنعه، ويذبّ عن حوزة الدين، وذلك لما تحققوا قصد هلاون الديار الشامية، وامتداده إلى ممالك الإسلام، واتفقوا على إقامة الأمير سيف الدين قطز المعزى سلطانا لأنه كبير البيت، ونائب الملك، وزعيم الجيش، وهو معروف بالشجاعة والفروسية، ورضى به الأمراء الكبار فأجلسوه على سرير الملك، ولقبوه الملك المظفّر.
وكان الأمير علم الدين العتمىّ، وسيف الدين بهادر، وهما من كبار المعزية غائبين فى رمى البندق حين تسلطن المظفر، ولما حضرا قبض عليهما واعتقلا.
(١) ينسب المقريزى هذا القول إلى الأمير سيف الدين قطز - السلوك ج ١ ص ٤١٧.