أبالى بهم، ثم أرسل مملوكًا إليه يعلمه بذلك، ويقول له: أنا خائف منهم، وفي نية هذا السلطان أن لا يخلى أحدًا منا لا كبيرًا ولا صغيرًا، ونريد أن نكون على كلام واحد وعلى يمين، وتكون أنت لي ظهرًا في البيرة، فإن رأيت شيئًا أكرهه جئت إليك، ولا نبالي بأحد.
فأرسل إليه طوغان: إذا قرب وصولهم، وتحققت منهم المكيدة، فقدم حضورك إلى البيرة فهي لك وأنا مملوكك، ولو اجتمع كل مَنْ في الدنيا لا نبالي بهم، وإذا رأينا ما نكره، ذهبنا إلى خربندا وتوصلنا إلى أمور لا يقدر غيرنا عليها.
ولما وصل إليه مملوكه بهذا الكلام فرح غاية الفرح، وحلف هو وطوغان إنهما يعيشان معًا ويموتان معًا.
ثم سير اسندمر إلى قرا سنقر يقوله له: هؤلاء العسكر ما خرجت إلا إلَىَّ وإليك، فاجعل بالك ودبرنا برأيك، فأرسل إليه يقول له: طول روحك حتى تتحقق أمرهم.
هذا جرى لهؤلاء، وأما كراي فإنه خرج.
[ذكر خروج الأمير كراي من مصر مع العسكر]
لما خرج الأمير كراي المنصوري ومعه أربعة آلاف فارس وصل إلى غزة، وأقام بها أربعة أيام، وكان نائبها الأمير قطلقتمر صهر جالق، ثم رحل منها وسار يطلب دمشق، وجهز بعض مماليكهـ إلى صفد يطلب عسكرها إلى دمشق ليروحوا معهم إلى سيس، ووصل كراي إلى دمشق، وبعده وصل عسكر صفد، ونزل كراي على القابون، فقال له قراسنقر: انزل عندنا في دمشق عشرة أيام، فاسترح وأروح، فقال: يا خشداشي أخاف من السطوات الشريفة، فنقل إليهم قراسنقر من الإقامات والتقادم، فأقاموا يومين ورحلوا في اليوم الثالث، ونزلوا على حمص، وأرسل إلى حلب يعلم اسندمر بأنا نحن عندك بعد العيد، وكان قد بقى للعيد عشرة أيام.