للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إن اسندمر جَمع مماليكه، وقال: هؤلاء جاؤون إلينا، وأنا ما أقف قدامهم، وأرسل إلى طوغان يعرفه أنه يخرج من حلب نهار العيد ويجيء إليه.

وأما كراي فكان معه كتب السلطان إلى مهنا (١) أمير العرب، فأرسلها إليه مع النجابين، فلما قرأها فإذا فيها: حال وقوفك على هذه الكتب تركب بجميع العرب وتمسك جميع مخائض الفرات، ولا تمكن أحدًا من العبور.

فركب مهنا ومعه العرب مقدار أربعة آلاف فارس، وجاء إلى مخاضة بداية ووقف عليها بنفسه، ثم فرق بقية غزيه على المخائض.

وأما كراي فإنه يركب كل يوم في حمص.

وأما اسندمر فإنه أرسل علم الدين بن الترجمان إلى قراسنقر، وقال له: إن كراي قد وصل إلى حمص، وهو بمن معه معولون علىّ، فإذا مسكوني يرجعون إليك، وأنا قد كاتبت طوغان ونحن على كلام واحد، وفي يوم يرحلون من حمص، أخرج من حلب وأروح إلى البيرة عند طوغان وأكاتب إلى خربندا والتتار وأخرب البلاد.

ولما وصل ابن الترجمان إلى قراسنقر، وقرأ الكتاب، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، والله كل ما يقوله اسندمر صحيح، فإن أخذوه أخذوني لا محالة، فجمع مماليكهـ وتشاورا تلك الليلة، فقال له مماليكهـ: لو أن للمصريين فيك نية ردية قبضوا عليك لما خرجت إليهم، واسندمر من خوفه يرمي بين الناس فتنة، فكتب قراسنقر إليه يقول له: كن على حذر وخل لك حمامًا في حماة وحمص مع قصاد من جهتك، فإذا ركبوا من حمص يرسلون إليك الحمام، فعرج من بين أيديهم إلى بعض الحصون، فعند ذلك تدبر على قدر ما ترى.

فركب ابن الترجمان وسار، ولما وصل إلى القطيفة (٢) لحقه استادار كراي من


(١) هو: مهنا بن عيسى بن مهنا بن مانع، أمير آل فضل، توفي سنة ٧٣٥ هـ/ ١٣٣٤ م، البداية والنهاية ١٨/ ٣٨٠، الدرر الكامنة ٥/ ١٣٨ رقم ٤٨٦٥، المنهل الصافي ١١/ ٢٩١ رقم ٢٥٥٩.
(٢) القطيفة: قرية دون ثنية العقاب في طرف البرية للقاصد إلى دمشق من ناحية حمص، معجم البلدان.

<<  <  ج: ص:  >  >>