وأما كراي والكمالى والأمراء الذين على حلب فإنهم ركبوا جميعهم، وسار الكل قدام كراي، ولما رأت الأمراء، وقد أقبل قراسنقر ومماليكه ملبسين، قالوا: معذور فيما فعل، ولما رآهم قراسنقر وهم ما عليهم شيء من آلات الحرب استقر فؤاده وقال لمماليكه: لا تمنعوا أحد من الأمراء، فهم اليوم ما عليهم آلات حرب.
ووصلت الأمراء إلى قراسنقر، تكارشوا على ظهر الخيل، وساروا في خدمته إلى دار النيابة، ثم رجعوا إلى وطاقاتهم.
وفي تلك الليلة أرسل كراي مملوكه على البريد إلى السلطان يعلمه بوصول قراسنقر إلى حلب، فرده السلطان وعلى يده كتاب يقول فيه: حال وقوفك على هذا الكتاب ترحل بطُلْبك ومعك الأمير سيف الدين بهادر آص وتجئ إلى دمشق حتى يجئ إليك التقليد، وتخلى بقية العساكر في حلب إلى أن يجيئهم مرسوم ثان بما يعتمدون عليه، فلما قرأه كراي أوقف بهادر آص عليه، وتجهز للرحيل، ونادى به، ثم أرسل إلى قراسنقر وأخبره بأن مرسوم السلطان جاءه يأمره بالرواح إلى دمشق، وأن تتولى أنت أمر العساكر، ففرح قراسنقر بذلك.
ذكر توجه كراي إلى دمشق نائبًا بها
وفي صبيحة غده ركب كراي، بطُلْبه، وركب قراسنقر بمماليكه وودع كراي، ثم رجع إلى حلب، وسار كراي ومعه بهادر آص.
وكان كراي رجلًا دينًا جيدًا، وأوصى لمماليكه وغلمانه وحاشيته أن لا يتعرضوا لأحد بغير حق، ولا يأخذوا من أحد شيئًا، وإذا جاب أحد شيئًا لا يأخذوه، ثم نزل على حمص فأخرجوا له الإقامات وأشياء كثيرة، فلم يقبل منها شيئًا، ثم طلب الذين أتوا بهذه الأشياء من الحكام وغيرهم، فأنكر عليهم بذلك، فقالوا: أنت مخدومنا الآن وخدمتك واجبة علينا، فقال لهم: ما عرفتم أن كراي لا يأخذ من أحد شيئًا، وكل من لا يسلك الطريقة المستقيمة لا