للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الملك، والسلام.

والآن أريد منك ما عَلِمته منك في الأول، وعلى حقيقة هذا الأمر فعول، فأنا لا غني لي عن مُلك البلاد، ولو عاندتني فيها الفراعنة الشداد، فوالله الذي لا إله إلا هو إن لم تجب إلى سؤالي أخذتُك من دمشق وأنت صاغر، وتندبُ عليك الأكابرُ والأصاغرُ، وتندم حيث لا ينفعُك الندم إذا زلت (١) بك القدم، فهذي أمراء الشام (٢) مكاتبون لي وموافقون على ما أختار، ومنهم مَنْ هو واصل إلَىَّ في هذه الأيام، فتكون أنت أسبق فهو بك أليق، ولا تك جاهلًا بالأمور وترتكب بمخالفتك المحذور، فأقرب من هو إليك هو عَينُنا عليك.

ثم طَوَى الكتاب وسلمه إلى دنكز، وسير معه عثمان الركاب.

فلما ركب وراح، قال الناصر لاسندمر: يا عمي قد عولتُ على التوجه إلى دمشق، لأني ما دمت مقيمًا في الكرك تُهمل الناس جانبي، وإذا سَمعت الأمراء والناس أني برزتُ جاؤوني، وأيضًا أعرف في ذلك الوقت عدوى من صديقي، فقال له اسندمر: هذا هو الرأي السديد والأمر الحميد، ولكن تَأنَّ واصبر حتى أذهب وأجتمع بالأمراء وأتشاور معهم ونرسل إليك كتبنا، فكتب كتابًا إلى قراسنقر ووعد له بدمشق، ووعد لقفجق بحلب، وكتب خَطِّه لاسندمر بأنه يعطيه كل ما يطلب منه، واعلم في كتاب قراسنقر وقفجق بنزوله من الكرك، وحثهما على المجئ إليه، ثم إنه خلع على اسندمر وأعطاه ألفي دينار وسيره، ثم شرع في النزول.

[ذكر ما فعل المظفر بعد تسحب الأمراء المذكورين بمن معهم إلى الكرك]

قال بيبرس رحمه الله: ولما تسحب من ذكرناه، وعزم ولاة الأمر على إمساك من أمسكوا من المماليك السلطانية، أشرتُ أن لا يَفعلوا لأن في ذلك إجحافًا وإفسادًا


(١) بك: ملحقة بين الأسطر في الأصل.
(٢) أمراء الشام: مكررة في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>