للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما أولاد نوغيه ومن سلم من عسكرهم فإنهم استتروا بجنح الليل واختفوا فى غمار عساكر طقطا، وتنادوا بشعارهم ليظنوا أنهم من أصحابهم، وكان شعارهم على ما حكاه من شهد الوقعة معهم: إتل بايق، فسلموا ليلتهم تلك، وساروا مغلّسين وعادوا راجعين، وكان الذى سبى من نسوانهم وذراريهم الخلق الكثير والجمّ الغفير، وبيعوا بالأقطار، وجلبوا إلى الأمصار، واشترى السلطان والأمراء منهم بالديار المصرية جماعة من الطوائف التى جلبها التجار، ودخلوا فى دين الإسلام بالرغبة، وأقاموا الصلاة باجتهاد ومحبة، وصاروا من أنصار الملة وأعوان الأمة (١).

ذكر الخلف الواقع بين ولدى نوغيه وهما جكا وتكا (٢):

وذلك أنهما لما عادا إلى مقامهما من الهزيمة، ورجع إليهما فلّ عسكرهما الذين سلموا من القتل والغنيمة، استقر جكا فى تقدمة أبيه وأستأثر بها دون أخيه، فأوغر صدره وغير ضميره، وأراد مفارقته واللحاق بطقطا هو وجماعته، ولله درّ القائل فى مثل ذلك:

إذا أنت لم تنصف أخاك وجدته … على طرف الهجران إن كان يعقل

ويركب حدّ السيف من أن تضيمه … إذا لم يكن عن شفرة السيف مرحل

واتصل بأخيه نفاره منه، وما أزمع عليه من الخروج عنه، فخشى غائلة ذلك، فجهز قوما - فى الباطن - إليه، فقصدوه ليلة من الليالى وهو راقد


(١) زبدة الفكرة (مخطوط) ج‍ ٩ ورقة ٢١٩ أ - ٣٢٠ أ.
(٢) ينقل العينى هذا النص عن بيبرس الدوادار دون أن يشير إلى ذلك - انظر زبدة الفكرة (مخطوط) ج‍ ٩ ورقة ٢٢ ب - ٢٢١ أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>