للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قفجق فإنه ركب إلى الصيد بمماليكهـ خاصةً وصيّد إلى الليل، ثم رجع عنه وسار في الليل طالبًا حلب، وأما أسندمر فإنه أظهر أنه ضعيف وأمر أن لا يخلى أحدًا يدخل عليه، وفي الليل ركب بمماليكهـ الذين يعتمد عليهم وقد غيّروا ملابسهم وسار يطلب حلب.

فاجتمع كلهم في دار قرا سنقر، فقال لهم قرا سنقر: ما تقولون في هذه القضية التي جرت؟ فقال قفجق: والله لقد جرى أمر عظيم، وإن لم نحسن التدبير نقع في بحر المقادير، فهذه دولة سُلِبت من ابن أستاذنا وأخذها بيبرس ويكون الأفرم مدبر الدولة، وهو على كل حال عدونا ولا نأمن شره. قالوا: فما نفعل؟ فقال: الرأي أن نكتب إلى ابن أستاذنا في الكرك ونطلبه إلى حلب ونركب معه، فإما نأخذ له الملك وإما نموت على خيولنا، فقال اسندمر: هذا هو الكلام، فحلف ثلاثتهم أنهم على هذا كلام واحد ولا يقطع أحدًا أمرًا إلا بمشورة أصحابه وإنهم يموت بعضهم على بعض، ثم أنهم تفرقوا في الليل، وكل واحد راح إلى بلده.

وبعد قليل وصل أميران من مصر إلى دمشق حتى يحلفان قرا سنقر وقفجق واسندمر، فقال لهما الأفرع: أنا أرسلت إليهم مملوكي وردوا عليه جوابًا لا يرضى به مولانا السلطان، وكان الأفرم قد حَلّف عسكر دمشق وقلاعها وسير نسخة الإيمان مع مملوكه مغلطاي، وأعطاه الملك المظفر إمرة أربعين وخلع عليه وأرسل للأفرم خُلعة بألف دينار وأطلق له كل شيء كان له في الشام من الحواصل وكان شيئًا عظيمًا، ففرح الأفرم غاية الفرح.

قال الأميران اللذان وصلا إلى الأفرم: ما تشير به علينا؟ فقال لهما: ارجعا إلى مصر فلا تذهبا إلى هؤلاء فإن رؤوسهم قوية وربما يثيرون فتنة، فقالا: وغنى لنا من أن نسمع كلامهم، ثم إنهما ركبا وسارا إلى حماة ودخلا على قفجق ودفعا له كتاب الملك المظفر، فقرأه، ثم قال: وأين كتاب الملك الناصر؟ فأخرجا له الكتاب، فلما وقف عليه بكى وفاضت عيناه بالدموع وقال: من قال إن هذا خط الملك الناصر، والله، يكون في قرية

<<  <  ج: ص:  >  >>