وخلع الأفرم على جميع الأمراء والقضاة بخُلع سنيَّة، وكذلك خلع على أيبك البغدادي وساطي وأعطاهما ألفي دينار، ورَدّهما في أسرع وقت، لأن بيبرس كان عينه في الطريق لأجل خبرهما، وكتب معهما كتابًا إلى بيبرس يهنئه بالملك ويقول: فعن قليل تأتيك نسخة الإيمان من الشام كلها، وسار أيبك وساطي فوصلا إلى مصر، وأعلما الملك المظفر بما جرى، فانشرح صدره.
وأما الأفرم فإنه جهز بهادر الجاغاني إلى حلب ليُعلم الأمير سيف الدين قراسنقر بما قد جَرى، فلما وصل إليه وقرأ كتابه قال لبهادر: آش الحاجة إلى مشاورة أستاذك إيانا بعد أن حَلف؟ وكان ينبغي أن يتأنى في ذلك.
وكذلك أرسل الأفرم إلى قفجق، فلما قرأ كتابه قال: لا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم، أي شيء يجري من ابن أستاذنا حتى عزل نفسه، فوالله لقد دبرتم أشأم التدبير، هذه والله نوبة لاجين، ثم قال لمملوك الأفرع: اذهب إلى أستاذك وقل له: الآن بلغت مرادك وسوف تبصر من يصبح نَدْمان وفي أمره حيران، آش كانت العجلة في هذا الأمر؟
وكذلك أرسل الأفرم إلى أسندمر، فلما قرأ كتابه أطرق رأسه إلى الأرض، ثم قال: قم واذهب وقل لأستاذك: يا بعيد الذهن وقليل العلم بعد أن دبرت أمرًا فما الحاجة إلى مشاورتنا؟ فوالله ليكونن عليكم أشأم التدبير، وسيعود وباله عليكم، ولم يكتب له جوابًا.
وأما قرا سنقر تائب حلب فإنه أرسل إلى قفجق وإلى أسندمر يعلمهما بأن الأفرم حَلَّف عسكر دمشق، لأنه مع بيبرس عضو واحد، ولا نأمن بعد أن وصل إلى المُلْك، أن يعمل الأفرم علينا، فهلموا نجتمع في موضع واحد ونتشاور في أمر يكون فيه الصلاح، فاتفقوا كلهم على أن يجتمعوا في حلب عند قرا سنقر وعينوا ليلة يكون اجتماعهم فيها.