للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفسه، وعليه خطوط علماء مصر، فحال وقوفكم على هذا الكتاب تحلفون جميعكم وتبعثون إلينا نسخة الإيمان، فأجاب جميع الأمراء بالسمع والطاعة، وسكت منهم أربعة أنفس ولم يتحدثوا بشئ، وهم: بيبرس العلائي (١)، وبهادر آص (٢)، وأقجبا (٣) الظاهري، وبكتمر (٤) حاجب الحجّاب، فقال لهم الأفرم: يا أمراء كل الناس منتظرون كلامكم، فتكلموا، فقال بهادر آص: نريد الخط الذي كتبه الملك الناصر بيده وفيه عزل نفسه، فأخرج النائب خطه، ثم قال بهادر آص: يا مولانا ملك الأمراء، لا تستعجل، فالشام فيها أمراء غيرنا مثل قرا سنقر وقفجق وأسندمر وغيرهم، فنرسل إليهم ونتفق معهم على المصلحة، فإذا شاورناهم تطيب [خواطرهم] (٥)، وربما يرون من المصلحة ما لا نرى نحن.

ثم قام بهادر آص وخرج، وخرجت الأمراء وراءه، فقال أيْبَك البغدادي للأفرم: لو مسكت بهادر آص لنصلح الأمر على ما تريد. فقال: والله العظيم لو قبضت عليه لقامت فتنة عظيمة، فطوّل روحك وتغيير الدول ما هو هيّن، وأنا ما أخاف من أحد من أمراء الشام إلا من قفجق لأنه ربما يقيم فتنة من خوفه على روحه.

ولما كان اليوم الثاني طلب الأفرم هؤلاء الأمراء الأربع واختلى بهم، وقال لهم: اعلموا أن هذا الأمر قد انفصل، ولم يبق لنا ولا لغيرنا فيه مجال، وأنتم تعلمون أن كل من يجلس على كرسي مصر هو السلطان ولو كان عبدًا حبشيًا، فما أنتم بأعظم من أمراء مصر، وربما يبلغ هذا إليه فيغلظ قلبه عليكم، ولم يزل يلاطف حتى حَلفوا، ثم حلف


(١) بيبرس العلائي: أحد أمراء دمشق، توفي بالكرك سنة ٧١٢ هـ/ ١٣١٢ م، الدرر الكامنة ٢/ ٤٢ رقم ١٣٧٩، وينظر ما يلي.
(٢) بهادر آص المنصوري: توفي بدمشق سنة ٧٣٠ هـ/ ١٣٢٩ م، الدرر الكامنة ٢/ ٣٠ رقم ١٣٥٧.
(٣) آقجبا الظاهري، فخر الدين: أحد الأمراء بدمشق، توفي سنة ٧١٤ هـ/ ١٣١٤ م، الدرر الكامنة ١/ ٤٢١ رقم ١٠١١.
(٤) توفي سنة ٧٢٨ هـ/ ١٣٢٧ م، الدرر الكامنة ٢/ ١٧ رقم ١٣٠٦، وورد أنه توفي ٧٣٨ هـ/ ١٣٣٧ م، في المنهل الصافي ٣/ ٣٨٩ رقم ٦٧٧.
(٥) حوارهم: في الأصل، والتصويب يتفق مع السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>