للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإنكار من الأبواب العالية.

وكان كراي قد كتب إلى والى الحجر في البيرة، وللمقدمين بها: بأني أنا واصل إليكم، فامسكوا طوغان وأنزلوه لي.

فلما جاء الحمام إلى طوغان، وقرأ الكتاب الذي هو معلق بالحمام، اصفر لونه، وتغير ذاته، حتى أنكر حاله كل من كان حوله، فقالوا له: مالك؟ فقال: قبضوا على أسندمر، فقال له ابنه: فماذا يكون العمل؟ قال: تركب الساعة، أنت وكل مَنْ في القلعة، فيروح بعضكم إلى المخائض، وبعضكم إلى الطرقات، وإياكم أن يفوتكم أحد.

فركبت بحرية (١) القلعة مع ابن طوغان، والتركمان [الذين] (٢) في القلعة من مماليك طوغان، ولا بقى من البحرية لا كبير ولا صغير حتى خرجوا مع ابن طوغان، وباتوا تلك الليلة، فلما أصبحوا جاء خادم طوغان إليه، وأعلمه بأن شحنه الجسر، على الباب يذكر أن: كراي المنصوري قد وصل إلى الجسر، ومعه مقدار خمسمائة فارس، وهو يطلب العبور.

فلما سمع طوغان ذلك حار واندهش، ثم قال لمن حوله: ماذا تَرون من المصلحة؟ قالوا: الرأي رأيك، فقال: أنا ما أمكن أحدًا من العبور إلينا، فنخليهم ينزلون من ذلك الجانب، ونحن ننقل إليهم ما يحتاجون من المأكول والمشروب، فإن كان معه مرسوم السلطان بالعبور فليعبر.

فقال والى الحجر وأسباسلار (٣): نحن ما نسمع هذا الكلام، تقول: خلوا كراي واقفًا هناك، وأمس مسك أسندمر، وهو أمين السلطان في الشام.


(١) بحرية القلعة: المقصود حرس القلعة، ينظر المعنى الاصطلاحي للفظ "البحرية": محمد مصطفى زيادة، بعض ملاحظات جديدة في تاريخ دولة المماليك بمصر، مجلة كلية الآداب جامعة فؤاد الأول (القاهرة) المجلد الرابع - الجزء الأول مايو ١٩٣٦.
(٢) الذي: في الأصل.
(٣) أسبا سلار: تحريف عامى للفظ اسفهسلار، ومعناه في الأصل مقدم العسكر، ينظر صبح الأعشى ٣/ ٤٧٩، ٤٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>