للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال طوغان: ويل لكم يا كلاب، مَنْ يحكم عَلَىَّ ويفتح الباب؟ فقال له والى الحجر: يا طوغان، راح الذي كنت فيه من الفشر والهذيان، ثم تواثبوا عليه مثل العقبان، فضرب بيده إلى سيفه، فهجموا عليه، وقبضوه، وقيدوه على باب داره، وأخذوا مفاتيح القلعة والجسر، وودوها إلى كراي، ومعهم طوغان مقيدًا، ولم يحضره كراي، [وتحدث] (١) مع والى الحجر فيما جرى لهم معه.

ووقع بذلك فرح عظيم في البيرة وبلادها، لأن طوغان قد زاد فجوره وطغيانه وفسقه في حريم الناس وأولادهم، وكان إش امرأة (٢) سمع بها أنها ذات حسن وجمال أرسل إليها وأخذها باليد، وإن كان لها رجال أهلكهم، حتى هتك حريمًا كثيرًا في البيرة، فلما كان ذلك اليوم نزلت عليهم الرحمة، ووصل الخبر إلى ابنه ومماليكه، وكانوا على المخائض، وطلبوا الهروب إلى التتار، ومنعهم سليمان بن مهنا.

وأما كراي فإنه أمر لوالى الحجر أن يحكم في البيرة إلى أن يجيئها النائب، ثم سار طالبًا حلب، ووصل ابن طوغان ومن معه، فلم يمكنوهم من الطلوع إلى القلعة.

وأما كراي فإنه وصل إلى حلب، وحال وصولهم جهز طوغان مع أميرين من المصريين إلى السلطان، وكتب معهم مطالعة يقول فيها: قبضنا أعداء مولانا السلطان بسعادته، وهذا وقت المغل، والأجناد ضعفاء يسألون حسن النظر الشريف في حالهم، وأقام ينتظر الجواب، ثم بعد ذلك جاء قراسنقر نائب دمشق إلى حلب نائبًا بها، وتوجه كراي إلى دمشق نائبًا كما ذكرناه مفصلا (٣).

ثم في يوم من الأيام جاء طوغان نائب البيرة من مصر، ومعه توقيع السلطان بشد دمشق، فأعرض توقيعه على كراي واستمر به، ولكنه تعجب من أمره عجبًا شديدًا، وقال: يا لله العجب، هذا قد راح إلى مصر في قيد، وفعل في البيرة ما لم يفعله أحد، ثم رضي


(١) وحدث: في الأصل.
(٢) المقصود: أي إمرأة.
(٣) ينظر ما سبق ص ١٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>