للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبواب الظلم، فيحصل بذلك حيف وعسف على الضعفاء المساكين، وأنا فما عندي شيء من ذلك، وأي من لا يمشي في الطريق المستقيم عاقبته وأشهرته في دمشق، ولو كان ولدي من صلبي، فخرجوا من عنده ولم يأخذ لهم شيئًا يساوي درهمًا.

ولما أصبح شرع في الكشف عن الظلامات وخلاص الحقوق وإعانة المظلومين وردع المفسدين، وكان معه جماعة من الأجناد الصالحين فأعلموه بأن في دمشق منكرات كثيرة، وفيها حانات عليها رنوك الأمراء تباع فيها الخمور والحشيش وفيها الخواطى، فلما سمع بذلك طلب حاجب الحجاب وأمره أن يدور على هذه المواضع ويبطلها، وأي مَنْ كان فيها يأخذه ويحلق ذقنه ويضربه ثم يشهره، وأي مَنْ تجوه أو يمانع فأعلمني به.

فركب الحاجب وفعل ما أمر به.

وكان للأمير بيبرس المجنون زقاق فيه إصطبل تباع فيه الخمر، فجاء الحاجب إليه وسَدَّ باب الإصطبل، وأخرب الزقاق، ومسك كل من فيه من غلمان بيبرس وحلق ذقونهم وضربهم، ونادى عليهم: هذا [جزاء] (١) من باع في بلاد الإسلام خمرًا، فجاء بعضهم إلى بيبرس وأخبروه بذلك، فقال لهم: روحوا واسكتوا، فإن هذا النائب ما هو لعب، وهو نائب جديد، وربما يكاتب السلطان فينا فيخرب بيوتنا، وقد علمتم ما جرى على الأفرم.

ثم أرصد كراي أُناسًا يرصدون من يشتري خمرًا أو يبيع أو ينقل من موضع إلى موضع، أو [يرون] (٢) سكرانًا [يمسكونه ويأتون] (٣) به إليه، ثم طلب والى المدينة وقال له: إن أصبح أحد في دمشق من المخنثين وسطتك، ولما سمعوا بذلك [وما يجري] (٤) عليهم، فهجُّوا من دمشق حتى لم يبق فيها أحد منهم.

ثم إنه طلب رؤساء الضياع التي يُعمل فيها الخمر، وتحول إلى دمشق وإلى غيرها،


(١) جزاه: في الأصل.
(٢) ترون: في الأصل.
(٣) تمسكونه وتأتون: في الأصل.
(٤) يا ما جرى: في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>