للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى أن أتوا [٨٦] إلى ساحل النيل، وطلب الشجاعى والى مصر ووالى الصناعة والرؤساء، وأمر بإطلاق النداء على أهل المراكب جميعهم بأن لا يعدوا أحد إلى ذلك البر، فأى من عدّى بمركبه من كبير أو صغير شنق على مركبه، ثم ركبوا فى المركب وجمعوا سائر المراكب من الأعلى إلى الأسفل، ولم يدعوا وجه النيل مركبا إلا وأحضروه إلى ساحل مصر، وكذلك المعادى، وشخاتر الصيادين، ووكل بالساحل من يحفظ ذلك، واتفق وصول طلب السلطان والأمراء الذين كانوا معه بكرة النهار فى ذلك اليوم، ووجدوا سائر المراكب والمعادى فى بر مصر، ولم يجدوا إلى التعدية سبيلا، فاجتمعوا هناك، وخطر لهم أن الشجاعى كان متفقا مع بيدرا على قتل السلطان لأجل ما كان بينهم من المصاهرة، فاقتضى رأيهم أن يسلموا رأس بيدرا لبعض الغلمان ليؤديه إلى الشجاعى حتى يعلم أن هذا كان غريم السلطان وأنه قتل، فأخذه الغلام ووصل به إلى الشجاعى، وهو فى الصناعة والمماليك البرجية حوله، وإلى جانبه الأمير علم الدين الدوادارى، فلما رأى رأس بيدرا بكى وتوجع، ورسم بسير المراكب والمعادى (١).

قال صاحب النزهة: حكى لى الشيخ فتح الدين ابن سيد الناس (٢) أن علم الدين الدوادارى حكى له فى بعض الأيام، وقد ذكروا قتل الأشرف: أنه عندما وصل رأس بيدرا إلى الشجاعى بكى بكاء كثيرا وتألم كثيرا، وقال: يا أمير علم الدين:

والله لقد كنت أعجب من عقل صاحب هذا الرأس، ولكن إذا أراد الله بإتمام


(١) يذكر المقريزى أن الشجاعى لم يرسل المراكب ويسمح بتعدية الأمراء إلا بعد أن تم الاتفاق بينهم - عن طريق الرسل - على إقامة الملك الناصر محمد بن قلاون - انظر السلوك ج: ١ ص ٧٩٣ - ٧٩٤.
(٢) هو محمد بن محمد بن محمد أحمد بن سيد الناس فتح الدين أبو الفتح، المتوفى سنة ٧٣٤ هـ‍/ ١٣٣٣ م - المنهل الصافى.

<<  <  ج: ص:  >  >>